1) نظرة عامة. هكذا سمى الأشوريون منطقة سماها أهلها : بيانياس. تقع شمالي أشورية على ضفاف بحيرة فان في تركيا الحالية. تذكر حوليات شلمنصر الأول أنه في بداية عهده سيّر حملة على أورارتو وأخضعها كلها (1273 ق.م.). وفرض عليها الجزية. وبعد قرنين من الزمن جاء أحد حلفائه أشور بال كالا وافتخر بانه اجتاح أورارتو. وعدّد المدن التي احتلها. وحاول هدد نيراري الثاني (909-891) أن يقوّي سلطته على هذه البلاد. أما أشور بانيبال فحذّر من التحرش بجيرانه الأقوياء في شمالي أورارتو.
2) الاسم سُمّي في العبرية اررط أو هـ و ر ر ط (خربة قمران الأولى، إش 37 :38). نجد لفظ أرادات في السبعينية (تك 8 :4؛ 2مل 19 :37؛ إر 51:27؛ طو 1 :21). أما ترأون (تك 8 :4) وتريون (2مل 19 :37؛ إش 37:38؛ إر 51:27)فترجما : كردو أو كردستان الحالي. كل هذه الترجمات تدلّ على أن تحديد موقع أورارتو ليس معروفًا بشكل دقيق، ألف سنة بعد زوال هذه المملكة التي وُلدت في القرن 9 ق.م.، فدمجت قبائل قريبة من الحوريين، وأقامت في منطقة جبلية تقع شرقي تركيا.
3) التاريخ : منذ القرن 13 ق.م. سمّى الأشوريون قبائل اورارتو باسم اورواتري أو نائيري. ولكنهم، في القرن 9، اصطدموا بدولة أورارتية قويّة، كان أرامي أول ملك عُرف فيها مع خلفائه سردوري الأول. إيشفويني، منوعة، تجاوز الاوراتيون الجنوب الشرقي لبحيرة أورميا، في إيران الحالية، واقتربوا إلى الغرب من منهاج دجلة، ودخلوا إلى ارمينيا السوفياتيّة وأحاطوا بجبل أراراط (أجري واجي) 5165 مترًا)، حيث توقّفت سفينة نوح، كما يقول التقليد. في القرن 8 صارت أورارتو دولة، فسيطرت على آسيا الخلفيّة وفرضت تفسير تاريخ أشورية والمناطق السورية الفلسطينية. فالضغط الذي مارسه أرغيشتي الأول على أشورية بشكل شبه متواصل، يفسّر لماذا هذه الدولة تخلّت مدّة نصف قرن من الزمن عن طموحاتِها التوسعيّة في سورية وفلسطين. وقد صوّر شمشي إيلو، الحاكم الاشوريّ المعروف، ملك اورارتو بهذه الكلمات : "ارغيشتي الاورارتويّ الذي نخاف اسمه كما نخاف عاصفة هوجاء، الذي امتلأ قوّة، وما مدّ يدًا لملك من قبل، الذي حرّك الشعوب وجنّدها على بلاد غوطيه، هيّأ القتال، وتقدّم كل جيشه للمعركة في وسط الجبال... ". ولم تتبدّل الحالة إلّا مع تغلث فلاسر الثالث، الذي حاصر سنة 735، توشفا عاصمة سرودوري الثاني، فحطّم قوة أوراترو التي راحت تضعف شيئًا فشيئًا. ومع ذلك سيضي إلى اورارتو قتلة سنحاريب (معبد سروخ بت سروكين)، ويلجأون هناك سنة 681 (2مل 19 :37 ؛ إش 37:38؛ طو 1 :21). في ذلك الوقت، تقدمت اورارتو مرة أخرى في عهد الملك الحازم روسا الثاني الذي بنى لنفسه عاصمة جديدة، روساخينيلي، على هضبة توبراك - كالي الحالية. ظلّت المدينة موضع إقامة ملوك اورارتو سحابة قرن من الزمن. وقد دمّرها الماديون والاسكوتيون قبل سنة 590. فأجهزوا على مملكة اورارتو التي كانت قد ضعفت بعد مرور القيمريين (جومر). إن مدى شهرة اورارتو نقرأه في إر 51:27، حيث تُذكر اورارتو مع المانيين والاسكوتيين وملوك ماداي، بين الاعداء الذين احتاطوا أشورية سنة 615-612 ق م (هي التي أشار إليها في الاصل القول النبويّ في إر 51 :27-33). غير أن اورارتوس لن تُذكر في لائحة الشعوب (تك 10) التي تعود إلى نهاية القرن 7. ولكن يُذكر القيمريون والاسكتيون الذين تركوا الدمار وراءهم حيث مرّوا. إن الفراغ الذي تركه سقوط اورارتو اجتذب الارمن الذين أقاموا منذ منتصف القرن السادس في ما كان يُسمى اورارتو، وسُمّي منذ ذلك الوقت "ارمينيا". في مدوّنة بهستون، التي تعود إلى زمن داريوس الأول الفارسي (521-486) نجد بعدُ التسمية القديمة لاورارتو في النسخة الاكاديّة كما في الترجمة الأراميّة التي نقرأها في بردية من الفنتين. أما نصوص الفارسيّة القديمة والنصوص العيلامية، فأحلّت محلها ارمينيا. سوف يتحدّث هيرودوتس (التاريخ 3 :94؛ 79) عن نسل الاورارتيين الذين عاشو قرب نهر أراكس الارمني. ونسمّوا اسم "الاروريوي" الذي هو تحريف اراراط، اراراد.
4) الحضارة. يبدو أن الدولة قُسمت إلى مقاطعات.وكانت الممالك الخاضعة تدور في فلكها. أما غنى البلاد فارتكز على الزراعة وتربية المواشي، ولا سيّما الجياد (رج إر 51 :27). وقد تميّز البناء بالضخامة، فشيّد الملوك حصونًا تركّزت على الصخور مع حجارة ضخمة. فقلعة ارابوني (اليوم عين بارد بقرب يرفان) هي مثال حيّ على ذلك. وتزيّنت القصور برسوم على الجدران بتماثيل، بقدور ملّونة بتروس من البرونز، وعلى رأس مجمع الآلهة كان مثلث يضم خلدي، الاله الوطني، تيشابا، إله العاصفة، شيفيني، الاله الشمسيّ. جاءت كتاباتهم في المسماريّة كما في شبه اليروغليفية التي أخذوها عن الحثيين. كانت كتابات عديدة على الصخور في اللغة الاوراراتيّة القريبة من الحورية، مع ترجمة إلى الاشوريّة.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|