تبّاع ابيقورس وهو فيلسوف يوناني علّم في أثينة في القرن الرابع. المسألة المهمة هي الخير السامي. ولكن السعادة، أي سلام النفس، ليست إلاّ نتيجة ممارسة كل الفضائل. وعلى هذه الفضائل أن تمنح الحكيم حياة محفوظة من الهموم والمخاوف. فمن عاش في هذا الهدوء التامّ وصل إلى السعادة الحقّة. من الوجهة الدينيّة، لا يقول الابيقوريّون بإلهٍ سامٍ وبأن الإنسان سيّد مصيره. في أع 17 : 18 نقرأ : وكان جماعة من الفلاسفة الابيقوريين والرواقيين يجادلون بولس.
نشير هنا إلى أن الابيقوريين خرجوا من العالم السقراطيّ بعد أن تبعوا دروس الاكاديمية التي أدارها كسانوكراتيس. كان ابيقورس يقسم الفلسفة ثلاثة أقسام : القانونيّة (المنهجيّة)، الفيزيائيّة (دراسة ظواهر الطبيعة)، الخلقيّة. إن نظرته إلى العالم، المؤسَّسة على نظرية ديموكريتس (يُقسم العالم إلى ذرات) جعلته يعتبر أن الكون مؤلّف من عدد محدود من الذرات التي تجتمع فتكوّن الأجساد والاغراض، وتنحلّ فتجعل كل شيء يزول. في هذا المنظار، تكوّن الانسان من جسد ونفس، تكوّن من ذرات. والموت هو انفصال النفس عن الجسد. ما أنكر ابيقورس الآلهة، بل اعتبر انهم يعيشون في عالم ملؤه السعادة، وأنهم لا يهتمّون إطلاقًا بالبشر. لهذا، باطل السعي لاجتذاب رضاهم بالذبائح، وطلب معرفة ارادتهم بواسطة العرافة. على المستوى الخلقي، تحدّث ابيقورس عن طلب السعادة، لا البحث عن الملذات. فالسعادة هي تجاوز الرغبات التي تولّد الألم. وتحدّث عن نسك يجعل الانسان يتخلّى عن فرح عابر لكي يدرك السعادة الحقّة في التجلّد ("أباتايا" في اليونانية). جذب هذا التعليم أوساطاً ارستوقراطيّة رومانيّة، منهم اتيكوس، صديق شيشرون الحميم. في هركولانوم وُجد بيت فيه برديات داخل مكتبة ابيقوريّة. كرّس الشاعر الروماني لوكراسيوس "طبيعة الأشياء" لعرض التعليم الابيقوري. غير أن هذه الخلقيّة المتطلّبة التي قادت إلى الابتعاد عن العالم السياسي، لم تلق آذانًا صاغية في رومة.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|