) العهد القديم. للاسم أهمّيّة رئيسيّة في العالم القديم، لأن له قيمة معارفيّة (هو ينبوع معرفة) وقيمة ديناميّة (من عرف الاسم سيطر على الشخص). إذن، لا بدّ من التنبّه إلى مختلف الأسماء التي تعطيها البيبليا لله. * إلوهيم (الله، اللهمّ) هو اسم عام يستعمل لإله اسرائيل كما لآلهة الأمم. ظهر * إيل في خبر الآباء كما في النصوص الشعريّة. هو الاله الرفيع لدى الساميين. عُبد في أورشليم على أنه خالق السماء والأرض (تك 14 : 19). ونستطيع أن نزيد أسماء أخرى. إيل * شداي (إله الجبل أو إله البرية حسب علم الاشتقاق. هو الإله القدير حسب الترجمات، بنتوكراتور : يضبط كل شيء)، إيل * عليون أي الرفيع (هبسستوس في السبعينيّة)، * العلّي. حسب التقليد، الاسم الخاص بإله إسرائيل هو "يهوه" كما أوحيَ إلى موسى (خر 3:14-15؛ 6 :2-8). إذا كان اليهوهي استعمل هذه اللفظة منذ البدايات (تك 2-3)، ونسبها دعاء إلى أنوش (تك 4 :26)، فمن أجل نظرة شاملة : إن يهوه، الاله الوطني، هو خالق جميع الشعوب.
أما أصل اسم يهوه فمثار جدل، وكذا نقول عن اشتقاق الاسم. غير أن هذه المسائل تبقى ثانويّة بالنسبة إلى مسألة المعنى المعطى لاسم يهوه. فتوافق مختلف التقاليد الاسرائيليّة (الوهيمي، كهنوتي، يهوهي) يلفت النظر. نحن لا نقدر أن نفسّر عبارة الهويّة (أنا هو الذي هو، خر 3 :14)، وكأنها رفض للوحي. فمشهد العلّيقة المشتعلة يختلف كل الاختلاف عن النصوص التي تعتبر متوازية (تك 32 :30؛ قض 13:17-18). نحن أمام دعوة من نمط نبويّ، جاء ت من أجل مهمّة بدت مستحيلة على المستوى البشريّ، دعوة تحرير الشعب من مصر.
طلب موسى من إله الآباء عربونًا. طلب منه اسمًا له دلالته. وأوضح النصّ أن هذا الاسم سيكون "ذكرانة" (خر 3:15). إذن، الاسم الالهي يذكّر المؤمن بالخروج من مصر (خر 20:2). فمن دعا يهوه، يكون وكأنه طلب منه أن يؤوّن تدخّله، أن يجعل تدخّله حاضرًا الآن. أن يدلّ على عونه كما دلّ عليه في زمن موسى. ويظهر هذا المعنى العبادي واضحًا في الشريعة المتعلّقة بالمعابد : حيث ذكّر الله باسمه (بتدخّله كما في بيت إيل. تك 28 :13-22) نستطيع أن نقيم له مذبحًا.
إن وحي الاسم الالهي قد ارتبط في نظر * الكهنوتي بخلاص من مصر. وخبر دعوة موسى الذي أحاط به تقديمُ "أنا هو الذي هو" (خر 6:2، 8)، تركّز على إعلان يقول : "تعرفون أني أنا يهوه الذي هو إلهكم" (6 :7). نقرّب هذا الاعلان من إعلانات قيلت بفم الله نفسه، في سيناء (خر 34:6) : "يهوه، يهوه. الاله الرحيم والحنون، البطيء عن الغضب والمليء بالأمانة والحقّ". وتعود الصفتان "رحيم وحنون" مرارًا في الصلاة ((مز 86:15؛ مز 310:8؛ يؤ 2 :13؛ يون 4 :2)، ولا تستعملان سوى مرّة واحدة في الكلام عن البارّ (مز 121:4). هما تعبّران عن الطابع الأساسي لله كما التقى به اسرائيل في تاريخه : الله (الذي هو أم، وصفة الرحمة ترتبط بالرحم والأحشاء) هو غنيّ بالحنان، ومع ذلك فهو يعاقب الشرّ... وهكذا نفهم الاحترام الذي به تعامل العالم اليهوديّ مع الاسم الإلهي، هذا الاسم الذي لن يعود أحد يتجرّأ على التلفّظ به. فأحلّوا محله "أدوناي" (سيّدي. يُكتب يهوه وتوضع عليه حركات أدوناي). وأبرزت السبعينيّة كما أبرز فيلون في تفسيرهما أن الكائن، هو أون في اليونانية، وبيّنا الوجود اللامشروط لله تجاه عدم الأوثان وسرعة العطب في عالم الصيرورة. هذا التفسير لا يجعلنا نخسر رباط الاسم الالهي بالتاريخ : الله يكشف عن ذاته حين يقطع عهدًا مع شعبه. واستعاد سفر الرؤيا عادة يهوديّة فتحدّث عن الله نحافظ " الذي هو (الكائن) الذي كان، والذي يأتي" (رؤ 1:4، 8؛ 4 :8؛ 11 :17).
وتُرى أهمّية الاسم الالهي بشكل خاص في القسَم. يستعملون عبارة "حي الله" التي تعبّر تعبيرًا مكثّفًا عن خبرة الخلاص التي عاشها شعب اسرائيل. فالاستعمال المفرط لاسم يهوه (مثلاً في العبارات السحريّة) يُمنع منعًا قاسيًا (خر 20:7). أما * التجديف فيُعاقب بالإعدام (لا 24 :16).
بما أن الاسم يعبّر عن طبيعة الانسان وشخصه ("رجلُ اسمٍ" هو انسان معتبر، اسمه معروف تك 6 :4؛ عد 16:2)، فاسم الله يدلّ مرارًا على مجد يهوه (خر 9:16؛ ي(ش 7:9؛ ش 9:9؛ 1صم 12:22؛ 2صم 7:26؛ يو 12 :41) الذي يتماهى معه ((إش 42:8؛ إش 48:11؛ مز 102:16). وبما أن اسم الربّ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشخص، فهو يعتبر متماهيًا مع يهوه نفسه. فمن دنّس اسم يهوه (لا 18 :21؛ 19 :12؛20 :3؛ عا 2:7)، أو قدّسه (إش 29:13)، أو أحبّه (مز 5:12)، أو أنشده (مز 7:18؛ 9 :3)، أو عظّمه (مز 34:4)، يكون وكأنه دنّس الرب نفسه، أو قدّسه، أو أحبّه، أو أنشده، أو عظّمه. فيهوه واسمه يُستعملان بشكل متوازٍ مرارًا (مز 5:12؛ 9 :3، 11؛ (إش 25:1؛ إش 29:23؛ 56 :6).
في بعض المرّات يقدّم النصّ اسم يهوه كمقابل ليهوه (الاسم يهوه) : يأتي اسم يهوه من بعيد (إش 30:27). إنه حصن أمين (أم 18:10). هو يحمي (مز 20:2) ويعين (مز 54:3؛ 1مل 18 :42. توازٍ مع يد يهوه). إن يهوه يقيم اسمه في هيكل أورشليم، أو في المدينة المقدّسة (تث 12:5، 11؛ 14 :23؛ 16 :2، 6، 11؛ رج 1مل 8 :16، 29؛ 11 :36؛ 14 :21؛ 2مل 23 :27). غير أن الاسم ليس هنا أقنومًا كما نقول في اللاهوت. فهو مثل يد الربّ أو مجده، تشخيص لقدرة يهوه التي تتجلّى. أو هو يعبّر عن فكرة تقول إن الله الحاضر في كل مكان، لا يرتبط بالهيكل (1مل 8 :27). بل هو يمتلك الهيكل، لأن اسمه جُعل عليه (تث 28:10؛ إر 7:10-11، 14، 30). في العالم اليهوديّ، "الاسم" يدلّ عادة على الله. يقولون "الاسم" لكي يتجنّبوا استعمال اسم الله الخاص.
2) العهد الجديد. في العهد الجديد تدلّ لفظة "تيوس" (الله) عادة على الآب. ولفظة "كيريوس" (الرب) على الآب أو على المسيح. وإن الصلاة الربية تعلّمنا أن نطلب تقديس الاسم الإلهي (مع تلميح إلى تعليم حز 20:9، 14، 22؛ 36 :22). تتوازى هذه الطلبة مع سائر الطلبات، فتدعو الله كي يتدخّل من أجل إقامة ملكه : عند ذاك يتقدّس اسمه. وفي "الصلاة الكهنوتيّة" (يو 17) يقول يسوع : "أيها الآب، مجد اسمك"، فيطلب من الآب أن يحقّق ساعة الحاش ( الآلام) والقيامة رغم ثقل العذاب والألم : إن اسم الآب يتمجَّد، لأن ابن الانسان المرتفع سيجتذب إليه جميع البشر (يو 12 :32؛ رج 13:31-32). وقد أظهر يسوع في حياته كلها اسم الله (يو 17 :6، 26) حين قدّم نفسه على أنه مرسل، على أنه الابن الذي لا يحيا إلاّ بالآب (6 :57). وينقل إلى البشر اخوته (20 :17) حميميّة الحبّ الالهي (17 :26) الذي غُمر به هو نفسه (3 :35). فوحدة الآب مع الابن وحدة وثيقة جدًا (10 :30)، بحيث إن يسوع يعلن مشاركته بالاسم الالهي فيقول : "أنا هو". أنا يهوه (8 :28، 58؛ 13 :9). والتجديف على اسم الله مشجوب في العهد الجديد كما في العهد القديم، مع انتباه خاص إلى احترام اسم الله في الحياة الملموسة (رو 2 :24 : بسببكم يستهين الناس باسم الله؛ 1 تم 6:1؛ يع 2 :7). واستعمال عبارة "من أجل اسم" (المسيح) يميّز عددًا من القولات المرتبطة بالاضطهاد ((مر 8:35؛ مر 9:37؛ 13 :9 وز؛ رج 1بط 4 :14-16). فالايمان يقوم بأن نعترف أن الله أعطى المسيح اسمًا يفوق كل الأسماء، أعطاه اسم كيريوس، الربّ (فل 2 :10؛ رج إش 45 :23).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|