الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: ايتيولوجيا


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

خبر يتوخّى شرح أصل واقع من الوقائع، أو عادة من العادات، أو نظام من النظم، أو موضع مقدّس، أو اسم علم. ووظيفةُ مثل هذا الخبر في سياقه الحالي قد تختلف عن المقصد الأول.

ونبدأ بالايتيولوجيا الحكواتيّة بما فيها من وجهة مدهشة. هي تقدم وضعًا للأمور "وُجِد حتى هذا اليوم" كنتيجة لأحداث حصلت في الماضي. هناك عدد كبير من الأيتيولوجيّات القديمة من هذا النوع قد شكّلت نواة يش 2-9، حيث نجد المواد لبناء قصّة جمعت كل بني اسرائيل لاحتلال الأرض. ولكن ليس هذا مغزاها الأول. فايتيولوجيّة الحجارة التي نُصبت بشكل دائرة في معبد الجلجال، كانت قد استُعملت أولاً لتشرح للحجّاج أصل المعبد المقدس : لقد جاءت الحجارة من ضفّة الأردن الشرقيّة (اذن، شرقيّ الاردن، والجلجال هو في غربي الاردن) حيث نجد في الواقع أنصبة مغليثيّة (صخور كبيرة تعود الى ما قبل التاريخ، يش 4 :1 ب، 3، 8، 9 ب). وايتيولوجيّة حجارة المخاضة (أو مجازة الأردن، يش 4 :9) وبيت راحاب (يش 6 :25؛ رج ف 2)، قد أعيد استعمالها بالنظر الى احتلال الأرض، فبررّت في الاصل مطالبة الافرائيميّين بملكيّة المخاضة التي رتّبها واحد منهم، ومطالبة عشيرة راحاب الذين أبرزوا حقهم بالتسلّط على موقع أريحا. إن ايتيولوجيّتي تلّة الحجارة (يش 7 :26أ؛ 8 :29)، هما روايتان محلّيتان ارتبطتا في يوم من الأيام بأخربة أريحا والعايّ. غير أن دمار هاتين المدينتين كان قد حصل منذ زمان بعيد، وقبل أن ينتقل بنو اسرائيل من البداوة الى الحضارة، بحيث ما عادوا يعرفون لموقع العايّ اسمًا سوى العايّ الذي يعني "الخراب". أما إخضاع الجبعونيين لسخرة هيكل يهوه (يش 9 :23، 27)، فهي تعكس ظروفًا نجدها في بداية الحقبة الملكيّة،حقبة داود، بل بالأحرى حقبة سليمان. تعود الايتيولوجيا بهذه الظروف الى وضع حدّده بشوع (كأني به يشرّع لما بعده، كما فعل موسى قبله). مقابل هذا، إن ايتيولوجيّة وجود السكان اليبوسيّين في أورشليم (يش 15 :63، قض 1 :21) تُوافق الحقيقة التاريخيّة الدقيقة، ولكنها تُعارض الحاشية التي نقرأها في قض 1 :8 (حارب بنو يهوذا اورشليم فأخذوها) التي ليست بايتيولوجيّة. إذن ليست الايتيولوجيّا بالضرورة معارضة للتاريخ. والسؤال الاساسيّ الذي تطرحه ايتيولوجيّات بش 2-9، ليس في أن نعرف إذا كان الشرح يوافق الواقع، أو اذا كان الاهتمام بالواقع هو الذي خلق الشرح. السؤال الاساسيّ هو أن نعرف هل كان للشرح في الأصل علاقة باحتلال كنعان على يد بني اسرائيل. اما الجواب فيكون بالنفي في ما يتعلّق بنصوص يش 2-9.

والايتيولوجيا المغزوية التي تأتي بعد الايتيولوجيّا الحكواتيّة، تتوقّف عند المغزى. تتوخّى أن تعرّفنا بالمعنى العميق لظاهرة من الظواهر، لطقس من الطقوس، لأثر من الأثار الباقية. ما يميزّها هو لفظة "أوت" (علامة، برهان) : "هذا يكون علامة". أو بجملة فيها السؤال والجواب : ماذا يعني هذا لكم؟ وهكذا تبدأ الفقاهة والتعليم. يفسّر أصلُ قوس قزح في تك 9 :12-17 على أنه علامة مستمرّة لعهد الله مع نوح. والختان يقدَّم كذلك في 17 :11 كعلامة عهد عقده الله مع ابراهيم. والفطير وتقدمة الأبكار هما بحسب خر 13:9؛ 16 :1 ي، علامتان تنظّمتا لتذكّرا الشعب بخروجه من مصر. ففي هذه الحالات الأربع، عرّفتنا الايتيولوجيا بعلامة تدلّ على مشيئة الله الخلاصيّة. والجملة التي فيها السؤال والجواب، تُستعمل لشرح أصل الفصح (خر 12:26-27) وتقدمة الأبكار (خر 13:14-15) والشريعة (تت 6:20-25) وحجارة الجلحال (يش 4:6-7) وحجارة مخاضة الاردن (يش 4 :21 ي ب ش هـ، اليابسة). إن هذه الايتيولوجيّات (العلامة مع السؤال والجواب) هي جزء مكمِّل للأخبار التي تظهر فيها. فقد تكون الأخبار ظهرت بدون الايتيولوجيا التي تبدو كإضافة، كخاتمة الخبر. وبعبارة أخرى، تنقل لنا هذه الأخبار ايتيولوجيا لها معناها. غير أن هذه الايتيولوجيا تُوضع فوق اللحمة السرديّة التي لم يكن لها أصل ايتيولوجي.

وتبقى الايتولوجيا الاشتقاقية. هي تشرح أصل اسم علم ارتبط بخبر، بواسطة إحدى العبارتين الاشتقاقيتين : "وأعطي له اسم، سُميّ. أعطي لهذا الموضع اسم". إن العبارة الثانية تميّز الأخبار الايتيولوجيّة التي تعود الى بنية ثابتة : يُذكر حدث يوصلنا الى اسم نربطه بالحدث. وفي بعض المرات يستبق الخبر الاسم ويحدد موقع الأحداث. أما أطول نصينّ فهما تك 11 :1-9 و 26 :23-22 (بئر سبع، بئر الشبع، والآبار)، حيث تظهر العبارة الثانية في شكلها الخالص مع أنها تعود إلى طبقة من التقليد ثانويّة. هي تدمج عناصر من أصول مختلفة، فيتأثّر الترابط بينها بواسطة الاشتقاق. اما العبارة الأولى فاختلفت عن العبارة الثانية، فما ارتبطت وظيفيًا بالخبر الذي يحيط بها. فهناك أمثلة واضحة في تك 3 :20؛ 1أخ 4:9. ان العبارة الاشتقاقيّة تبدو كعبارة مبنيّة بشكل يورد نسبة اسم (الى مكان)، الاسم نفسه، وسبب وجود هذا الاسم. وفي 1صم 4:21؛ 7 :12، خضعت الايتيولوجيا لخبر وزادت عليه تفسيرًا قصيرًا. ذاك هو الوضع أيضًا في تك 2 :23؛ 19 :37-38 حيث الايتيولوجيا تخضع للخبر لا للاشتقاق. ومجمل الكلام ان الاخبار الايتيولوجيّة الاشتقاقيّة هي نادرة. والايتيولوجيا الاشتقاقيّة تنحصر عادة في عبارة قصيرة، تبدو ثانويّة وخاضعة للخبر الذي دخلت فيه.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.