لا يستعمل الاسم "براكليتوس" (المعزي) إلاّ في الكتب اليوحناويّة (يو 14 :16، 26؛ 15 :26؛ 16 :7، 13، 15؛ 1 يو 2 :1). ولكننا نجد مرارًا في العهد الجديد فعل "براكالاين" (توسّل، نبّه، عزّى). كما نجد "براكليسيس" (التعزية، التنبيه). ولكننا لا نجد هاتين اللفظتين الاخيرتين في الأدب اليوحناوي. إذن، لفظة بارقليط خاصة بيوحنا. في الاصل، لها معنى المجهول : هذا الذي يُدعى للمساعدة. أما في النصوص اليوحناويّة، فلها معنى المعلوم : مساعد، مدافع، محامي. والمعزّي هو براكليتور. إن لقب بارقليط ليس اسم علم للروح القدس، لأنه يدلّ في 1يو 2 :1 على يسوع كمتشفّع من أجل المؤمنين أمام المنبر السماويّ. في يو 14 :16 يُسمّى الروح "بارقليط آخر" مقابل يسوع. ثم إن يو يزيد كل مرّة توضيحًا مع البارقليط : روح الحق أو الروح القدس (ما عدا 16 :7). إذن، لقب براقليط لا يدلّ على اسم بل على وظيفة الروح الذي يبدو شخصًا حياً.
يرتبط دور البارقليط بموضوع الدينونة، فيدلّ على المتشفّع والمحامي والشاهد أمام المحكمة. في 1يو 2 :1 يسوع هو المحامي أمام البلاط السماويّ. في يو 15 :26؛ 16 :7، يلعب الروح القدس دور الشاهد، ولا سيّما في حكم العالم على يسوع. في 15 :26 يشهد الروح أن يسوع كان حقًا مرسل الآب، وأن موته كان بحسب النبوءة : أبغضوني بلا سبب.
إن وظيفة الروح كبارقليط تعني بشكل خاص موت يسوع الذي ليس فشلًا ولا هزيمة. ويبيّن يو 16 :7-11 بشكل منهجيّ جميع عناصر المحاكمة : "الخطيئة" هي بجانب العالم الذي لم يؤمن بيسوع والذي تجاوز كل حدّ في لاإيمانه، فاسلمه إلى الوت. و"البّر" يعني أن الحقّ كان بجانب يسوع، فصار موته عبورًا إلى الآب، وتراجعًا عن مخطط الله. و "الدينونة" هي الحكم على إبليس، سيّد هذا العالم، الذي عمل في محاكمة يسوع، من خلال يهوذا واليهود. أعلن هذا الحكمُ على العالم، وهذه الشهادة من أجل يسوع، بفم الروح البارقليط، عبر تعليم شهود الايمان الأولين (15 :26).
في 15 :26، 16 :7 فهمنا أن موت يسوع دلّ على وظيفة الروح كالمحامي والمدافع "في القضاء...". أما في 14 :16-26، فلا نجد التشديد عينه، وإن كان دور البارقليط يقوم في مقاومة العالم. فمحاكمة يسوع تتواصل في محاكمة تلاميذه. وعلى الروح أن يساعدهم على الدفاع عن أنفسهم (مت 10:17-20؛ مر 13:11؛ لو 12:11-12). أما هنا فالبارقليط هو المتشّفع والمحامي والمدافع عن يتامى "متروكين" وسط عالم معادٍ (1يو 14 :18؛ 15 :18-16 : 4؛ 17 :13-16). حتى الآن كان يسوع الراعي الذي يجمع قطيعه ويحفظه ليوصله إلى الآب (17 :12). غير أنه عاد إلى الآب (13 :1) وترك تلاميذه وحدهم (13 :33؛ 14 :2). لهذا هم يحتاجون إلى بارقليط آخر (14 :16) يأتي باسم يسوع، يذكّرهم تعليم يسوع (14 :26)، يفهمهم وحي الآب في المسيح. في هذا الوحي، يبقى موت المسيح أمرًا غامضًا. فبفضل الروح يقدرون أن يشهدوا بدورهم للرب في وجه العالم (15 :26؛ 16 :8).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|