في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
عندَما يتعلَّقُ الأمرُ بِدِراسَةِ الكِتابِ المُقدَّس بِجَدِّيَّة، يتَوَجَّبُ علينا أن نَدرُسَهُ بِعِنايَةٍ وحِكمة. إحدى الطُّرُقِ الفَعَّالَة لِدِراسَتِهِ هي هذه العمليَّة الرُّبَاعِيَّة: المُلاحَظة، التَّفسير، التَّطبيق، والتَّعامُل العلاقَاتي. تأتي المُلاحَظَةُ أوَّلاً. فعندما تقرَأُ المقطَعَ الكِتابِيَّ، ينبَغي أن تطرَحَ السُّؤالَ التَّالِي، "ماذا يَقُولُ؟" ثُمَّ يأتي التَّفسير، الذي تسأَلُ خلالَهُ، "ماذا يعني؟" ثُمَّ يأتي التَّطبيق. في هذه المرحلة، يُطرَحُ السُّؤالُ، "ماذا يعني لي شَخصيَّاً؟" أمَّا في مرحلة التَّعامُل العلاقاتي، فيُطرَحُ السُّؤالُ، "كَيفَ يرتَبِطُ هذا النَّصُّ الكِتابِيُّ بِبَاقي أسفارِ الكتابِ المُقدَّس؟" إنَّ مَعرِفَةَ ما يَقُولُهُ نَصُّ الكِتابِ المُقدَّس وما يعنيهِ، هُوَ أمرٌ في غايَةِ الأهمِّيَّة. ولكن إن لم تعمَلْ بِمُوجَبِ ما يُعَلِّمُهُ نصُّ الكتابِ المُقدَّس، تُصبِحُ دِراسَتُهُ بِدُونِ معنىً. فعندَما تَصِلُ إلى المَرحَلَة التي تُسمَّى "التَّطبيق،" بإمكانِكَ أن تكتَشِفَ ما يعنيهِ نَصٌّ كتابِيٌّ لكَ، بِطرحِ ذلكَ السُّؤالِ العام بِصِيغَةٍ مُحدَّدَة. حاول الإجابَة على هذه الأسئِلة كَبِدايَة: - هل تُوجَدُ أيَّةُ نماذِج ينبَغي إتِّباعُها؟ - هل تُوجَدُ أيَّةُ تحذيراتٍ ينبَغي تحاشِيها؟ - هل تُوجَدُ أيَّةُ تَوصِياتٍ ينبَغي إطاعَتُها؟ - هل تُوجَدُ أيَّةُ خطايا ينبَغي تَركُها؟ - هَل تُوجَدُ أيَّةُ حقائِق جديدة عن اللهِ أو عن يسُوع المسيح؟ -هل تُوجَدُ أيَّةُ حقائِق جديدة عن حياتي الشَّخصيَّة؟ عندما ندرُسُ الكتابَ المُقدَّس، تُوجَدُ بعضُ القواعِد التي ينبَغي أن تَقُودَنا. وإليكُم واحِدَة منها. فعندما تَقتَرِبُونَ من مقطَعٍ كِتابِيٍّ، تَذَكَّرُوا التَّالِي: حتَّى ولو كانَ يُوجَدُ تفسيرٌ واحِدٌ، يُمكِنُ أن يُوجَدَ ألفُ تطبيق. قد تكُونُونَ واثِقينَ حيالَ كيفيَّةِ إنطِباقِ مقطَعٍ مُعَيَّنٍ على حياتِكُم، ولكن أرجُو أن تَسمَحُوا للرُّوحِ القُدُس بأن يعمَلَ بِشَكلٍ مُختَلِفٍ في حياةٍ شخصٍ آخر، من خلالِ هذا المقطَع نفسِه. ثانِياً، بما أنَّ الكتابَ المُقدَّسَ هُوَ كتابٌ يتكلَّمُ عن المسيح، عليكُم أن تبحَثُوا عنِ المسيح، عبرَ كُلِّ ما تقرأُونَهُ خلالَ دراسَتِكُم لكَلِمَةِ الله. ثالِثاً، عندما تقتَرِبُونَ من عَدَدٍ يبدو وكأنَّهُ غامِض أو مُثيرٌ للحَيرَة، عليكُم دائماً أن تُفَسِّرُوهُ على ضَوءِ أعدادٍ أُخرى واضِحَة المعنى. تُوجَدُ عدَّةُ أعدادٍ في الكتابِ المُقدَّس صَعبَة الفَهم. وتُوجَدُ أعدادٌ كثيرَةٌ أُخرى لا يصعُبُ فهمُها. إعتَمِدُوا على الأعدادِ الواضِحَةِ لتَقُودَ تأمُّلَكُمُ بالأعدادِ الأصعَب. وإليكُم الخُطوة المُهِمَّة التَّالِيَة: إيَّاكُم أن تقتَرِبُوا من مَقطَعٍ كِتابِيٍّ وقد كَوَّنتُم فكرَةً مُسبَقَة عمَّا يَعنِيهِ هذا المقطَع. فقد تَكُونونَ على حقٍّ تماماً في ما تَظُنُّونَ أنَّ هذا المقطع يعنيهِ، وقد لا تَكُونُونَ على حَقٍّ بتاتاً. وسوفَ تُصَعِّبُونَ مُهمَّةَ الرُّوحِ القُدُس في إفهامِكُم ما يُريدُكم أن تفهَمُوهُ، إن كُنتُم تَظُنُّونَ أنَّكُم تَعرِفُونَ مُسبَقاً معنَى هذا المقطَع. مبدأٌ مُهِمٌّ آخر، خاصَّةً إن كُنتُم مُنخَرِطُونَ في مُهِمَّةِ تعليمِ الكتابِ المُقدَّس، هو أن تَكُونُوا على إستِعدادٍ لتَطبيقِهِ على أنفُسِكُم، قبلَ أن تُعَلِّمُوهُ للآخَرين. وهاكُم مبدَأٌ آخر. تَذَكَّرُوا دائماً أنَّ اللهَ يتكلَّمُ معنا من خلالِ كلمتِهِ، لهذا عليكُم أن تقتَرِبُوا من كَلِمَةِ اللهِ بِرُوحِ الصَّلاة، طالِبِينَ منَ اللهِ أن يُعلِنَ أُمُوراً لكُم شَخصِيَّاً من خلالِ الرُّوحِ القُدُس. وهاكُم أمرٌ آخر نُلَمِّحُ لهُ: إنتَبِهُوا دائماً إلى قَرينَةِ أيِّ نَصٍّ كِتابِيٍّ. فلو إقتَبَسَ أحدٌ مرَّةً من أقوالِكُم، ولكن دُونَ الأخذِ بِعَينِ الإعتِبار القَرينة التي تكلَّمتُم فيها، فأنتُم تعلَمُونَ كيفَ يُمكِنُ أن يتِمَّ تأويلُ معنى كلماتِكُم لتَعنيَ شَيئاً لم تَقصُدُوهُ البَتَّةَ. على مِثالِ ذلكَ، يُمكِنُ إستِخدامُ كَلِمَةُ اللهِ لتأكيدِ أيَّةِ نُقطَةٍ تَشاؤونَها تقريباً، إذا عزلتُم أيَّ عَدَدٍ من أعدادِ كلمةِ اللهِ عن الأعداد التي تأتي معَهُ في قرينَتِهِ. إنَّ دِراسَةَ عددٍ واحدٍ بمِعزَلٍ عن قرينَتِهِ هُوَ أمرٌ غالِباً ما يقُودُكُم إلى سُوءِ تفسيرِ هذا العدد. والآن، بعدَ أن وضعنا أساساً لدراسَتِنا لكلمةِ الله، سوفَ نبدأُ بِبَحث أوَّلِ أسفارِ الكِتابِ المُقدَّس، الذي هُوَ سفر التَّكوين. وصلاتي، إذ نبدَأُ بدراسَةِ هذا السِّفر، هي أن تَصِلُوا إلى كَلِمَةِ اللهِ، وأن تَصِلَ كَلِمَةُ اللهِ إليكُم.
|