في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
الصفحة 1 من 3 (عدد 20)إذ نُتابِعُ النَّظَر إلى حَياةِ مُوسى، منَ المُؤسِف أن نُدرِكَ أنَّهُ لم يَرَ مُطلَقاً أرضَ المَوعِد. ففي النِّهايَة، اللهُ لم يرضَ بِكُلِّ الأُمَّةِ بَديلاً لمُوسى. وتُعتَبَرُ خَطيَّةُ مُوسى لُغزَ سفرِ العدد. يُخبِرُنا الكتابُ أنَّ الرَّبَّ تكلَّمَ معَ مُوسى وأمرَهُ بأن يحملَ عصاهُ وأن يجمَعَ مجمُوعَةً منَ الشَّعبِ معاً. وقالَ لهُ اللهُ أن يُكَلِّمَ الصَّخرَةَ فتُخرِجَ ماءً للنَّاسِ والحيوانات. رُغمَ أنَّ مُوسى شكَّكَ بهذا، إلا أنَّهُ جمعَ الشَّعبَ. ثُمَّ ضَرَبَ الصَّخرَةَ مرَّتَين بِعَصاهُ، وخرجَتِ المياهُ. فشَرِبَ الشَّعبُ وحيواناتُهُم. فقال الربُّ لموسى وهرون، "من أجلِ أنكما لم تُؤمنا بي حتَّى تُقدِّساني أمام أعينِ بني إسرائيل لذلك لا تُدخِلانِ هذه الجماعة إلى الأرض التي أعطيتُهُم إيَّاها." (عدَد 20: 11- 13). يُمكِننا أن نُقدِّمَ ملاحظتين عندما نتأمَّلُ في قساوةِ قصاصِ الله هُنا. أوَّلاً، من نحنُ حتى نقولَ لله ما هو العادل وما هو الحق؟ فاللهُ هو الذي يُحدِّدُ الحقَّ والعدل. من اللافت للإنتباه أن نرى أن موسى في هذه القصَّة لم يتذمَّرْ أبداً من قصاصِ اللهِ له. في سفر التثنية، كُلّ ما ذُكِر هو أن موسى تكلَّمَ مع الله مرَّةً عن هذا الموضوع، فأجابَهُ الله، "لا تُكلِّمني ثانيةً بهذا الموضوع." فلم يعُدْ موسى يأتِ على ذِكرِهِ أبداً. حقيقةٌ أُخرى يُمكِنُ أن نُشارِكَها إذ نُفكِّرُ بهذه الحادثة، هي أن المستوى الذي يضعُهُ الله للقادة هو أعلى من مُستوى الشعب. يضعُ الكتاب المقدس أمامنا هُنا مُستويين. عندما تُصبحُ عُضواً في كنيسة، أعتقدُ أن هُناكَ مُستوى مسلكيَّاً مُعيَّناً عليكَ أن تُحافِظَ عليه. ولكن الكنيسة، وبحسبِ الكِتاب، ينبغي أن تتوقَّعَ من قادتِها أكثرَ مما تتوقَّعُه من شعبِها أو أعضائها. اللهُ يأخذُ القيادةَ على محملِ الجدّ. كان موسى في موقِع القِيادَة، وما يبدو أنَّهُ خطيئةٌ صغيرةٌ بالنسبةِ للآخرين، لم يكُن صغيراً البتَّةَ بالنسبةِ إلى موسى ومن كان، وفي أي موقِعٍ وضعَه الله. يبدو أن خطيئتَهُ كانت كالتالي. فقبلَ كل شئٍ، قال الله، "كلِّمْ تلكَ الصخرة هُناك." ولكن موسى لم يُكلِّم الصخرة، بل ضربَها بالعصا مرَّتين. كانَ هذا عِصياناً. ولقد إتَّهمَ اللهُ موسى بخطيَّةٍ أُخرى. كانَ اللهُ قد عَلَّمَ مُوسَى أنَّهُ سيَكُونُ دائماً معَهُ، وأنَّهُ هُوَ الذي سَيُنقِذُ شَعبَهُ، وسوفَ يستَخدِمُ مُوسى كأداةٍ بَشَرِيَّةٍ لإنجازِ هذه المُعجِزة. ولقد حدَثَت مُعجِزَةُ الخُروج العظيمة لأنَّ مُوسى تعلَّمَ ماذا يستَطيعُ اللهُ أن يعمَلَ من خلالِ شَخصٍ تعلَّمَ أنَّهُ بِحَدِّ ذاتِه ليسَ ذا أهمِّيَّة. لقد قضى مُوسى أربَعين سنَةً في وسطِ الصَّحراءِ، وهُوَ يتعلَّمُ الأسرارَ الرُّوحيَّةَ التَّالِيَة: "لستُ أنا المُنقِذ، بل الرَّبُّ هُوَ المُنقِذ، وهُوَ معي. أنا لا أستطيعُ أن أُنقِذَ أحداً، ولكنَّ الرَّبَّ يستطيعُ، وهُوَ معي." لقد حدَثَت المُعجِزَة العظيمة لأنَّ مُوسى إستطاعَ القولَ عندما حدَثَت هذه المُعجِزة، "لَستُ أنا من أنقَذَ هذا الشَّعب، بل الرَّبُّ هُوَ الذي أنقَذَهُم، لأنَّهُ كانَ معي." عندما قال مُوسى، "أمن هذه الصخرة نُخرِجُ لكُم ماءً؟" لم يُعطِ مُوسى الفضلَ والمجدَ للهِ في أعيُنِ الشَّعب. ولم يُوضِح للشعب أن اللهَ هو الذي كان يعملُ هذه المُعجِزَة. بل كانَ موسى يأخُذُ مجدَ المُعجِزَة لنفسِه. كان هذا أخطر ما في خطيَّة موسى. الطريقة الوحيدة التي نستطيعُ بها أن نرى هذه القضيَّة من وُجهة نظر الله، هي أن نعرف أن الله لديه مجموعة مُستويات هو وحده يعرفُ عنها. وهُو يُشارِكنا ببعضِها أحياناً، ولكن تذكَّرْ أن الله هو الذي يُعلِّمُنا البرّ، ولسنا نحنُ من نُعلِّمُه. وبحسبِ مُستويات الله، كان الحُكمُ على موسى عادلاً. ويبدو أن موسى وافقَ مع الله. فعبرَ مُعجِزَةِ الخُرُوجِ بكامِلِها، كانت عصا مُوسى تَرمُزُ إلى الأسرارِ الرُّوحِيَّةِ الأربَعة التي تعلَّمَها مُوسى عندَ العُلَّيقَةِ المُتَوقِّدَة. وعلى صَعيدِ التَّطبيقِ الشَّخصِيّ، تُوجَدُ حقيقَةٌ عميقَةٌ بإمكانِنا أن نتعلَّمَها من خَطِيَّةِ مُوسى عندما ضربَ الصَّخرَةَ بِعَصاهُ.
|