في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
إنَّ سفرَ يشوع هُوَ سِجلٌّ لتاريخِ دُخُولِ شَعبِ اللهِ القَديم أرضِ كنعان. وإذ ندرسُ تاريخَ دخولهم إلى أرضِ كنعان، نجدُ إيضاحاً عظيماً أو بانُوراما عن الإيمان. عندما نقرأُ سفرَ يشوع، نأخُذُ فكرةً واضِحَةً عن كيفيَّةِ إمتلاكِنا لبَرَكاتِنا الروحية. يُعطينا سِفرُ يشُوع إصحاحاً بعدَ الآخر، نماذِجَ تُقتَدى وتحذيراتٍ تُتَفَادَى، ويُظهِرُ لنا ما هُوَ الإيمان وما ليسَ هُوَ. هذه الإصحاحاتُ مُزَيَّنَةٌ بتحذِيراتٍ حولَ مخاطِر "العالَم، الجَسد، والشَّيطان." أول ما نراهُ في سفر يشوع هو ما يمكِنُنا تسميتُهُ "إنتِقالُ عدوَى الإيمان." نرى شُعلَةَ القيادة تنتقلُ من موسى إلى يشوع عندما نقرَأُ: "ويشوع بن نون كان قد امتلأَ روحَ حِكمةٍ إذ وضعَ موسى عليه يديهِ فسمعَ لهُ بنو إسرائيل وعمِلوا كما أوصى الربُّ موسى… وكان بعدَ موتِ موسى عبدِ الرب أن الرب كلَّمَ يشوع بن نون خادم موسى قائلاً. موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبُرْ هذا الأُردن أنتَ وكُلُّ هذا الشعب إلى الأرض التي أنا مُعطِيها لهم أي لبني إسرائيل… تشدَّد وتشجَّعْ لأنكَ أنتَ تقسِمُ لهذا الشعب الأرضَ التي حلفتُ لآبائِهِم أن أُعطِيَهُم. إنما كُن مُتشدِّداً وتشجَّعْ جداً لكي تتحفَّظَ للعمل حسب كل الشريعة التي أمركَ بها موسى عبدي… لأنَّكَ حينئذٍ تُصلِح طريقَكَ وحينئذٍ تُفلِح. أما أمرتُكَ. تشدَّد وتشجَّعْ. لا ترهبْ ولا ترتعبْ لأن الربَّ إلهكَ معكَ حيثُما تذهب." (يَشُوع 1: 6- 8) نرى في الإصحاحات الأولى من سفرِ يشوع ما يمكِنُنا تسميتُهُ "إرتباكُ الإيمان،" أو "مشاكِل الإيمان المُربِكَة." فَخِلال نُمُوِّنا في فَهمِنا للإيمان، علينا أن لا نَضطَّرِبَ عندَما نُواجِهُ مشاكِلَ تُثيرُ أسئِلَةً تَتَحَدَّى إيمانَنا. إذا تمكنَّا من إِلغاءِ كل مشاكِل الإيمان، نكونُ قد ألغينا الإيمان بحدِّ ذاتِه أيضاً. إن شخصيَّةَ راحاب في يشوع 2 تُثيرُ مُشكِلَةً للكثيرين. فقُبَيلَ دخولِ الشعب أرضَ كنعان، أرسلَ يشوعُ جاسوسين عِبرانيَّين ليتحقَّقا من أريحا. فذهبا واختبأا في بيتَ امرأةٍ زانيةٍ اسمُها راحابُ. وعندما جاءَ جُنودُ ملِكِ أريحا يطلُبانهما، خبَّأَتْهُما وضَلَّلت الجنودَ قائلةً لهما أن الجاسوسين ذهبا في طريقٍ آخر، وهكذا أنقذَت الرجُلين اليهوديِّين. فبارَكَها اللهُ بِسَببِ ذلكَ. ونقرَأُ في الإصحاحِ العظيم عن الإيمان، في عبرانيين 11، أنَّ راحاب كانت بَطَلَةً في الإيمان لكَونِها كَذَبت لتُخبِّئَ الجاسُوسَين. إذا نظرتَ للقصَّةِ عن كثب، سوفَ ترى أن ما جعلَ من راحاب بطلةً في الإيمان لم يكُن كذبُها. إذ يقولُ الإصحاح الحادي عشر من عبرانيين، "بالإيمان راحابُ الزانية لم تهلك مع العُصاة [أي الذين لم يُؤمِنوا]". فكما ترى، عندما جاءَ هذان الجاسوسان اليهوديَّان إلى منزلِ راحاب الزانية، قالت لهما شيئاً برهن إيمانَها. قالت، "أنا أعلمُ أنكُم شعبٌ تعرفون اللهَ الحي والحقيقي. وكُلُّ الشعوب هُنا مُرتعِبون منكُم. نحنُ نؤمنُ أن اللهَ معكم." (يشُوع 2: 9). وهكذا قطعَ الجاسُوسان معها عهداً، وأعطَياها وعداً بأن يُنَقِذاها منَ الموت. فلِماذا خَلُصَت إذاًَ؟ إيمانُها خَلَّصَها. لأنَّها آمنت أن هذا الشعبَ العِبريّ كان شعب الله، وأن الله الحي الحقيقي كان معهم. وهكذا أصبحَت راحابُ واحِدَةً من شَعبِ اللهِ، إذ عبَّرَت عن إيمانِها بالإلهِ الحي الحقيقي. في الإصحاح الثالث نجدُ "برهان الإيمان." فعندما يُحاولُ اللهُ أن يُعطِيَنا الإيمان لندخُلَ "كنعانَنَا الروحيَّة" وأن نُطالِبَ بكلِّ بركاتِنا الروحية، فاللهُ سوفَ يُؤكِّدُ ويُشدِّدُ على إيمانِنا ليُشجِّعَنا. نَجدُ هذا في حَياةِ جدعَون، الذي وَضَعَ جَزَّةَ الصُّوفِ التي أكرَمَهُ اللهُ من خلالِها. يقولُ داوُد في المزمور 37: 23 "من قِبَلِ الربِّ تتثبَّتُ خَطَوَاتُ الإنسان." هذا يعني أنَّنا بينما نتَّخِذُ خُطواتِ إيمان، يُبارِكُنا اللهُ ويُثَبِّتُ خُطُواتِ إيمانِنا. في هذا الإصحاح، بَرهَنَ اللهُ نفسَهُ لِيَشُوع، وأظهرَ للشعبِ أن بركَتَهُ هي على قائِدِهِم يشوع كما كانت على موسى. ثم صنعَ أيضاً مُعجِزاتٍ لِتَقوِيَةِ إيمانِ الشعب. كانَ القصدُ من هذه المُعجِزات أن يُظهِرَ للشعبِ أن اللهَ كانَ معهُم وأنهم عندما سيُهاجِمُونَ مُدُنَ كنعان المُحَصَّنَة، مثل أريحا، سوفَ يُبارِكُهم اللهُ ويكون معهم ويَمنَحُهُم النَّصر. في الإصحاح الرابِع نجدُ بني إسرائيل يبنون "مَذبَحَ الإيمان." فعندما عبروا نهر الأُردنّ، رُغمَ قُوَّةَ مياهِه الجاريَة، ولكنهُ وقفَ ندَّين وعبرَ الشعبُ على اليابِسَة. وعندما عبَروا نهرَ الأُردن على اليابِسة، أُمِروا ببناءَ عامودٍ من الحجارة، كنَصَبٍ تذكاري لهذه المُعجِزَة العظيمة، لكي لا ينسى أولادُهم أبداً ما عمِلَهُ اللهُ لهم عندما تحَلُّوا بالإيمان لإجتيازِ نهرِ الأُردُنّ. في الإصحاح الخامس نجدُ ما يُمكِن أن نُسمِّيَهُ "شروط الإيمان." فقبلَ دُخُولِهِم كنعان أُمِروا بأن يختُنوا كُلَّ ذَكَر في الشعب. فالجيلُ الأول ماتَ في البرية. وكان هذا الجيلُ الثاني من شعبِ الله، وجميعُ ذكُوره لم يكونوا مختونين. وهُنا نجدُ إيضاحاً جميلاً عن شُروطِ الإيمانِ. فقبلَ أن تدخُلَ أرض موعد بركات الله، إسأَلْ نفسَكَ هل هنالكَ خطيَّةٌ في حياتِك؟ هل هُنالكَ ما تحتاجُ أن تبتعِدَ عنهُ وتتوب عنه؟ عندما دَرَسنا معاً سفرَ التَّكوين، تعلَّمنا أنَّ الكثيرينَ منَ الذين يعتَرِفُونَ بِكَونِهم مُؤمنين، يُحاولونَ تَجنُّبَ مذبح التوبةِ ذاك الذي بناهُ إبراهيم، عندما كانت حياتُهُ تعريفاً حَيَّاً للإيمانِ بالنِّسبَةِ لنا. فهؤُلاء لم يسمحوا أبداً لله أن يتعاملَ مع الخطية في حياتِهِم. يتوجَّبُ علينا بِبَساطَةٍ أن نتوبَ عن الخطيَّة في حياتِنا، قبلَ أن نتوقَّعَ بركةَ الله على إيمانِنا. هذا كان السبب الذي من أجلِهِ خُتِنَ كل ذكرٍ في الشعب. إن الخِتانَ هو علامةٌ خارجيَّة عن إلتزامٍ داخِلي، مثل المعموديَّة في العهدِ الجديد. في يشوع 5، نجدُ ما نُسمِّيهِ "تَوصِيَةُ الإيمان." وهذا ما نجدُهُ في نهاية الإصحاح الخامِس. لقد سبقَ وأعطى يشوعُ الأمر بمنعِ أيٍّ من جُنُودِهِ من أن يستلَّ سيفَه. لقد خيَّمَ جيشٌ شرقي نهرِ الأُردن تحتَ جناحِ الظُلمة الداكِن، وكان يسهلُ على العدوِّ أن يُحيطَ بهم، فلذلكَ أصدروا الأمرَ بأن لا يستلَّ أحدٌ سيفَه. فإذا رأوا سيفَ أحدٍ مسلولاً، عرفوا أنهُ من العدوّ، وكانَ بإمكانِهِم أن يَرُدُّوا فَوراً على مَصدَرِ الخَطَر. ثُمَّ خرجَ يشوعُ ليمشيَ في مُنتَصَفِ الليل، في الليلةِ التي سبقت معركة أريحا. فرأى رجلاً سيفُهُ مسلولٌ، فسارعَ وسألهُ، "هل أنتَ صديقٌ أم عدوّ؟" فكان الجواب، "أنا رئيسُ جُندِ الرب." نقرأُ أن يشوعَ سقطَ على وجهه إلى الأرضِ وسجدَ وقال، "بماذا يُكلِّم سيِّدي عبدَه؟" فقال رئيسُ جُندِ الرب ليشوع، "إخلعْ نعلَكَ من رِجليك، لأن المكان الذي أنتَ واقفٌ عليهِ هو مُقدَّس." ثمَّ نقرأ، "ففعلَ يشوعُ كذلك." (يشُوع 5: 14- 16). في الإصحاح السادس من سفر يشوع نجدُ الخطَّة التي إستلمها يشوعُ من الرب في الليلة التي سبقت المعركَة. فلقد أُمِرَ الشعبُ أن يخرجوا من مُخيَّمِهِم وأن يدوروا حول أسوارِ أريحا. وكانَ عليهِم أن يفعَلُوا ذلكَ مرَّةً في اليوم، ولِسِتَّةِ أيَّامٍ على التَّوالِي. في اليوم السابع، كان يُفتَرَضُ بهم أن يدوروا حول المدينة سبعَ مرَّات. لقد أُمِروا أن يدوروا حولَ المدينة ثلاثَ عشرة مرَّة. لقد كانت هذه المَدينَةُ مُحصَّنةً بأسوارٍ عريضةٍ يُمكِنُ أن تُبنَى منازلُ فوقَها. وكان الذين يُدافِعُون عن مدينتهم، يضعُون النساءَ والأطفالَ والأشخاص الذين لا يُمكِنُهُم حمل السلاح، يضعُونهم في تلكَ المنازِل المُرتفِعَة فوقَ السور ليرموا العدوَّ المُهاجِم بالجمرِ وبالحصى، عندما يقتربُ العدوُّ من السور. أحدُ القادة العِظام الذي يُدعَى أبيمالِك، تعرَّض للموت والعار بإقترابِه من سورِ مدينةٍ كان يُهاجِمُها. فألقت إمرأةٌ عَجوزٌ بحجرِ رحَى على رأسِ أبيمالك، فسحقتهُ. فما كان من أبيمالك إلا أن طلبَ من حامل سِلاحِه قائلاً، "إستلَّ سيفي وأجهِزْ عليَّ لئلا يُقال قتَلتهُ امرأة." (قُضاة 9: 52- 54). فأصبحَ هذا بمثابةِ تحذيرٍ إستراتيجيٍّ لبني أسرائيل: لا تقتربوا أبداً من سورِ المدينة، لأن هكذا قُتِلَ أبيمالك. ولكن هذا ما كان يقوله اللهُ ليشوع هُنا: خذْ كامِلَ شعبِكَ مُباشرةً إلى جانبِ سور أريحا، ودوروا حول ذلك السور ثلاثَ عشرة مرَّة. لقد كانت هذه أوَّلُ حملَةٍ عَسكَرِيَّةٍ يَقُودُها يشُوعُ، وكانَ مُتَشَوِّقاً ليُظهِرَ مواهِبَهُ كقائدٍ عسكَريّ ستراتيجيّ. وهذا ما سيُظهِرُهُ يَشُوعُ لاحِقاً، بأنَّهُ كانَ يتمتَّعُ بعبقَرِيَّةٍ عَسكَرِيَّةٍ ستراتيجيَّةٍ. ولكنَّ خُطَّةَ هذه المعرَكَة كانت مهزَلَةً مُضحِكَة، وجعَلَت يشُوعَ يبدُو غَبِيَّاً جدَّاً. ولكنَّ يشُوعَ طَبَّقَ هذه الخُطَّة بِحذافِيرِها، لأنَّهُ عرفَ شَيئاً واحِداً عن هذه الخُطَّة، وكانَ هذا هُوَ كُلّ ما إحتاجَ معرِفَتَهُ، ألا وهُوَ أنَّها كانت خُطَّة الله. وطِوالَ الوقت الذي كانوا يدورون فيه حولَ السور، كان عليهم أن لا ينطِقُوا بكَلِمة. لا بُدَّ أن شعبَ أريحا كانوا مُرتعبين برهبة لأنهم لم يرموا شيئاً من على السور على الإسرائيليين. بعدَ الدوران حول أسوارِ أريحا لمدَّةِ سَبعَةِ أيَّام، في اليوم السابِع إستدارَ يشوعُ نحو الشعبِ وقال لهم، "إهتفوا!" الرسالةُ إلى العبرانيين تحسُمُ لنا القضيَّة عندما تقولُ أن أسوارَ أريحا سقطت بالإيمان. لقد كانَ يَشُوعُ يَقُودُ مَوكِبَ شَعبِ اللهِ حولَ أسوارِ أريحا. ولقد تطَلَّبَ هذا الكَثيرَ منَ الإيمان. تطلَّبَ هذا إيماناً كبيراً من هذا القائد أن يُعرِّضَ كُلَّ هذا الشعب لكلِّ مخاطِر السور، مَرَّةً في اليوم لِمُدَّةِ ستَّةِ أيَّامٍ، ومن ثَمَّ سبعَ مرَّاتٍ في اليومِ السَّابِع. تُرينا معرَكَةُ أريحا نوعَ الإيمان الذي يُمَكِّنُنا من الدُّخُولِ إلى "أرضِ مَوعِدِنا،" وأن نحيا كَشَعبٍ تَقِيّ. هذا النَّوعُ منَ الإيمانِ هُوَ نَوعٌ عَمَلِيٌّ. إنَّهُ الإيمانُ الذي يَسيرُ. فإيمانُ يشُوع الذي مشى حولَ أريحا ثلاثَ عشرَةَ مرَّةً هُوَ ليسَ لُغزاً أو سِرَّاً. بل هذا النَّوع منَ الإيمان هُوَ بِبَساطَةٍ طاعَةٌ. فالإيمانُ الذي يَسيرُ، هُوَ الإيمانُ الذي يعمَلُ. والإيمانُ الذي سارَ وعمِلَ في ذلكَ اليوم، كانَ الإيمان الذي رَبِحَ معرَكَةَ اريحا لِصالِحِ يشُوعُ وشعبَ إسرائيل القَديم. إنَّ هذا المُستَوى منَ الإيمان يُمكِنُهُ أن يعمَلَ وأن يربَحَ معارِكَ في حياتِنا اليوم. هل إيمانُكَ مثل هذا الإيمان؟ يعتَقِدُ البَعضُ أنَّ الإيمانَ ينبَغي ألا يعمَلَ إلى أن يفهَمُوا كُلَّ شَيءٍ بِعُقُولِهم. ولكنَّ يسُوعَ علَّمَ الذين تَبِعُوهُ بأن يُلزِمُوا أنفُسَهُم أوَّلاً بالعَمَل، ووعدَهُم بأنَّ التأكيدَ العقلِيَّ سوفَ يتبَعُ الإلتِزامَ العمَلِيّ. قالَ، "إن كانَ أحدٌ سيعمَلُ، فسيَعلَمُ." (يُوحَنَّا 7: 17)أوَّلاً، (بالمبدأ)، سِرْ حولَ أريحا ثلاثَ عشرَةَ مرَّةً، وعندها سوفَ تكتَشِفُ إيماناً يعمَلُ وينتَصِر. كتبَ المَلِكُ داوُد يقولُ في المزمُور 27 ما معناهُ ، "لكانت قُوايَ قد خارتَ لولا أنني آمنتُ بأن أرى جُودَ الربِّ في أرضِ الأحياء." يقولُ العقلانيون ، "فقط عندما ترى تستطيعُ أن تُؤمِن." ولكن كَلِمَةَ اللهِ تُعَلِّمُنا، "الإيمانُ يقودُ إلى رؤيةِ الأُمور." هذا ما نراهُ مُوضَّحاً عنِ الإيمانِ في معركةِ أريحا. فاللهُ لا يزالُ يُكَلِّفُنا بطاعَةِ خُطَتِهِ لِحياتِنا. أحياناً، تمتَحِنُ وَصاياهُ لِحياتِنا إيمانَنا، تماماً كما إمتَحَنَت خُطَّتُهُ لمعرَكَةِ أريحا إيمانَ يشُوع. إن كُنتَ تَعرِفُ اللهَ بِشكلٍ كافٍ، ستعرِفُ أنَّ وَصِيَّتَهُ لن تأخُذَكَ إلى حيثُ لا تَستطيعُ نعمَتُهُ حمايَتَكَ. فإن كُنتَ تَعرِفُ أنَّ اللهَ يَقُودُكَ لتَعمَلَ شَيئاً مُعَيَّناً، إعمَلْهُ (يُوحَنَّا 2: 5). يُعَلِّمُنا سفرُ يشُوع أنَّ الإيمانَ عمَلِيٌّ. وعندَما يسيرُ، يعمَلُ، وعندما يعمَلُ، يربَحُ معارِكَ الحياة. الصفحة 1 من 8 سوفُ نُقدِّمُ في سِتَّةِ كُتَيِّباتٍ أُخرى مُلاحظاتٍ لمُستَمِعينا الذين سبقَ لهُم وسَمِعُوا مائةً وثلاثينَ بَرنامجاً إذاعِيَّاً تتمحوَرُ حولَ تعليمِ إنجيلِ يُوحنَّا آيَةً بعدَ الأُخرى. في هذا الكُتَيِّب، أودُّ أن أُقدِّمَ بِضعَةَ مُلاحظاتٍ لأُولئِكَ الذينَ سَمِعُوا البرامِجَ الإذاعِيَّة التي تُعطي فكرةً مُوجَزة عن الإنجيلِ الرابِع، كجُزءٍ من الدراسة الشامِلَة للعهد الجديد. نحنُ الآن بِصدَدِ الإقتِراب من الإنجيل المُفضَّل بينَ الأناجيل الأربَعة. فإنجيلُ يُوحنَّا هو الإنجيلُ المُفضَّلُ عندَ الملايين، لأنَّ اللهَ إستخدمَهُ ليأتي بهم للإيمانِ بالمسيح. يُعجِبُني الأُسلُوبُ الأدبيُّ المُوحَى الذي كتبَ بهِ يُوحنَّا إنجيلَهُ. ولقد أصبَحَ هذا إنجيلي المُفضَّلَ أيضاً، لأنَّ الأهدافَ التي من أجلِها كتبَ يُوحنَّا إنجيلَهُ هذا، والحُجَّةَ المُنظَّمة التي يُقدِّمُها من خِلالِ إصحاحاتِهِ الحادِية والعشرين، تُخبِرُني أنَّ هذا الإنجيل يتكلَّمُ بمُجمَلِهِ عن يسُوع المسيح. هذا هُوَ إنجيلي المُفضَّل، لأنَّ يُوحنَّا لا يُظهِرُ لي فقط كيفَ أخلُص، بل ويقُودُني من خِلالِ قراءَةِ إنجيلِهِ إلى التعرُّفِ على المُخلِّص الذي خلَّصني. إنَّ الرسُول يُوحنَّا نفسُهُ الذي هُوَ كاتبُ سفر الرؤيا، هُوَ كاتِبُ هذا الإنجيل. إن كُنتَ أليفاً معَ السفرِ الأخير في الكتابِ المقدَّس، ستُكوِّنُ فِكرَةً عن الأُسلوبِ الأدَبيّ الذي كتبَ فيهِ يُوحنَّا. عندما كتبَ يُوحنَّا سفرَ الرُّؤيا، إستَخدَمَ كَلِمَةً تُساعِدُنا على فَهمِ أسلُوبِهِ الأدَبِي وطريقَةَ كتابَتِه. وإذ يبدَأُ بكتابَةِ السفرِ الأخير في العهدِ الجديد، يقُول: "إعلانُ يسوع المسيح الذي أعطاه إيّاه الله ليُرِيَ عبيدَهُ ما لابُدَّ أنْ يكونَ عنْ قريبٍ وبيّنَهُ مُرسَلا بِيَدِ ملاكِهِ لعبدِهِ يوحنا". إن هذه الكلمةُ المُثيرة للإهتِمام: "بيَّنه،" إستَخدَمها يوحنا عندما كتبَ الرؤيا والإنجيل في "لغةٍ رمزيَّةٍ جميلةٍ" مِنَ المَجازِ أو الإشارات. أخبَرنا الرسولُ بولس في الإصحاح الأوّل مِنْ كورنثوس الأولى أنَّ "اليونانيين يطلبونَ حكمة"، لهذا كانَ الإنجيلُ لهم جَهَالة. ثمّ يخُبرُنا في الإصحاح نفسِهِ، أنَّ "اليهودَ يسألون آية" أي إشارَةً أو رمزاً. قصدَ بولس الرسول بهذا أنَّ اليهودَ يَطلبونَ علامةً مِنَ الله كبرُهانً أنَّه هو مَنْ يَقودُهم في الطريق (متَّى 12: 38- 42). قَصَدَ بولس الرسول أيضا أنَّ اليهود فكّروا وتعاملوا بواسطة لُغةٍ رمزية محُكَمَةٍ. سفر الرؤيا المُوحَى والعَميق، مبني بكامله على أساس رمزِيَّةِ اللغة العبرية.رُغمَ أنَّ لُغَةَ الرُّمُوز ليسَت واضِحَةً تماماً، ولكنَّ يُوحنَّا يستَخدِمُ هذا الأسلوب عينَهُ في هذا الإنجيل.
|