في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
الصفحة 1 من 3 في سفرِ التكوين نقرأُ أنهُ عندما يُخطِئُ الإنسانُ، فَإنَّ أخطَرَ نتيجَةٍ لِخطيَّة الإنسان كانت طلاقاً – أي إنفصالاً- بين الله والإنسان. إن حلَّ هذه المُعضِلَة الأساسيَّة، والمُصالَحة بعدَ هذا الإنفصال، هو كل ما يتكلَّم عنهُ الكتابُ المقدس. وهذا هو كل ما كانت هذه الخيمة في البرِّيَّة تتكلم عنه. فلماذا لا نُقدِّمُ نحنُ اليومَ الذبائحَ الحيوانيَّة؟ لأنَّ مُتطلِّباتِ الله تغيَّرت. الرِّسالَةُ إلى العِبرانيين تشرحُ لنا السبب كالتالي: في الإصحاح التاسِع من سفرِ العبرانيين يقولُ الكاتبُ أن خيمةَ العِبادَة كانت مُجرَّدَ رمز، أي بمثابةِ نسخةٍ عن خيمةِ عِبادَةٍ توجدُ في المجالِ السماوي. وهذه الخيمة السماويَّة ليست مصنوعةً من موادٍ مادِّيَّة، بل من موادٍ روحيَّة سماويَّة. فالخيمةُ التي قالَ اللهُ لموسى أن يبنيَها كانت مُجرَّدَ تعبيرٍ منظورٍ وملموس على الأرض عن خيمةٍ روحيَّةٍ غير ملموسَة موصوفَة في عبرانيين 9. تَذَكَّرُوا أنَّهُ عندما ماتَ يسوعُ على الصليب، إنشقَّ حجابُ هيكَل سُليمان من فوقُ إلى أسفَل. تذكَّرُوا أنهُ مرَّة واحِدَة في السنة، كانَ يدخلُ رئيسُ الكهنة إلى قُدسِ الأقداس، وكانَ يَرُشُّ دَماً ليُكَفِّرَ عن خطايا الشَّعبِ بأسرِهِ. وبنفسِ هذا المعنى، عندما ماتَ يسوعُ على الصليب أصبحَ رئيسَ كهنتِنا الأعظم، وبهذا دخلَ في السماءِ إلى الخيمةِ السماويَّة. فأمامَ المذبحِ النُحاسي في الخيمةِ السماويَّة، قدَّمَ موتَهُ كالتتميمِ النِّهائي لكلِّ الذبائح الدمويَّة. ثمَّ تقدَّمَ إلى المِرحَضَة وجعلَ التطهير الكامِل من الخطايا مُمكِناً. قبلَ مَوتِ المسيح، لم يَكُنِ مُمكِناً لِلخاطِئ أن يقتَرِبَ منَ الله. فقط الكاهِنُ كانَ بإمكانِهِ أن يقتَرِبَ منَ اللهِ لِيَتَشَفَّعَ بالخاطِئ. ولكنَّ كلَّ هذا إلتَغى عندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب. فعندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب، مكَّننا أنا وأنتَ منَ الدُّخُولِ إلى محضرِ اللهِ. تطبيقٌ آخر هامٌّ هُوَ أنَّ أجسادَنا هي الآن هياكِلُ للهِ. ولقد كتبَ بُولُس ما معناهُ، "ألستُم تعلمونَ أن روحَ اللهِ ساكنٌ فيكُم؟ إن كانَ أحدٌ يفسِدُ هذا الهيكَل، يُفسِدُهُ الله، لأن هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ الذي أنتُم هو." لقد حاوَلَ الرَّسُول بُولُس أن يُوصِلَ هذه الحقيقة لِلكُورنثِيِّين، الذين كانُوا يُواجِهُونَ الخطايا الجِنسيَّة. فقالَ لهُم: "جسدُكم لم يُخلق للجنس، بل لله. ألستُم تعلمونَ أن جسدَكم هو هيكلُ الله، وأن اللهَ ساكِنٌ فيكم؟" (1كُورنثُوس 6: 15- 20). وفي كولوسي 1: 27، يَقُولُ الرسول بولس عنِ المُؤمنين، "الذين أرادَ اللهُ أن يُعَرِّفَهُم ما هُوَ غِنَى مجدِ هذا السِّرّ في الأمَم، الذي هُوَ المسيحُ فيكُم رَجاءُ المَجد." نعمَ، فالمسيحُ الساكِنُ فيكُم هُوَ الذي يأتيكُم بِكُلِّ الأُمُورِ المجيدَةِ العَتيدة. فالمسيحُ فيكُم هُوَ مُعجِزَة. لأنهُ يعني أن حضورَ اللهِ يسكُن فيكم؛ بل يعني أيضاً أنَّ لديكُم كل القوة التي تحتاجونها لتعيشوا الحياة التي يُريدُها اللهُ لكُم. والآن دَعُونا نتأمَّل في التطبيقات الروحية الجميلة لخيمة العبادة هذه على حياتِنا. فعندما تستيقظُ في الصباح، أُشَجِّعُكَ على أن تَتَمتَّعَ بِفترة التأمُّلِ والعِبادَة، حيثُ تقضي وقتاً في حضرةِ الله قبلَ أن تخرجَ إلى العالم لتعيشَ نهارَك. وعندَما تفعَلُ ذلكَ، حاوِل أن تجدَ طريقَكَ عبرَ خيمة العِبادة. فقط تصوَّر أنكَ تمرُّ أمامَ المذبحِ النُحاسي، وَثِقْ بالأخبارِ السَّارَّةِ أنَّ يسوعَ المسيح كانَ حملَ اللهِ الذي ماتَ على الصَّليب لِيغفرَ خطاياك. فإن لم تَكُنْ بعدُ قد آمنتَ بالمسيحِ لِغُفرانِ خطاياك، إفعَلْ ذلكَ الآن. وبعدَ هذا أُشكُر الله لغفرانِهِ خطاياك على صليبِ يسوع، وأكِّدْ إقتناعَكَ بأنهُ كان الذبيحةَ الكامِلَة لِغُفرانِ خطاياك. والآن تخيَّل أنكَ تُتابِع طريقَكَ نحو المِرحَضَة، حيثُ ستغسلُ يديكَ وقدميك، وحيثُ ستحتاجُ لهذا الغسلِ باستمرار. فهل هُناكَ أُمورٌ وسِخَةٌ ولا تُرضي الله في حياتِكَ؟ إعترفْ بها واتركها، واطهُرْ. ثمَّ أدخُل مجازيَّاً إلى القُدس، وقِفْ أمامَ المنارة واشكُر الله على الإعلان، وعلى عدم تركِكَ في الظلمة. أُشكُرْ الله أنَّهُ لم يترُككَ في الظُّلمَةِ فيما يتعلَّقُ بالحياةِ والخلاص. وأشكُر اللهَ على كَلِمَتِهِ. ثمَّ تصوَّر نفسَكَ واقِفاً أمامَ مائدةِ خبزِ الوجوه، واشكر الله على تأمينِه إحتياجاتك. إعترفْ بروحِ عِرفان الجميل أن اللهَ هو مصدرُ كل قطعةِ خبزٍ لديك، وكل مقتنياتك، وكل ما يسدُّ حاجاتِك. إعتَرِفْ بأنَّ اللهَ هُوَ الذي يُلِّبي كُلَّ إحتِياجاتِكَ هذهِ، وأعتَرِف بذلكَ بِعُرفانِ جميلٍ لهُ. وبعدها فكِّر بمذبحِ البخور، وبمُعجزةِ الصلاة. وإقضِ وقتاً في الصلاة من أجلِ تفاصيلِ إحتياجاتِكَ، ومن أجلِ التَّحدِّياتِ التي تُواجِهُها في كُلِّ يوم. وعندها عندما تُفكِّر بقدس الأقداس، ضعْ أمامَكَ ذلكَ التحدِّي الذي يُذكِّرُكَ أن هناكَ حضور الله الجليل، ليسَ فقط روح الله الساكِن فينا، بل إمكانيَّة أن تكونَ في حضرةِ الله الحقيقيَّة أينما كُنتَ في العالم. فنحنُ لم نَعُدْ بحاجَةٍ إلى كاهِنٍ لندخُلَ إلى محضَرِ اللهِ. ولم يَعُدْ واجِباً علينا أن نجتازَ عبرَ نظامِ العبادَةِ الحرفِي المُبَيَّن في خيمَةِ العبادة، لأنَّهُ عندما ماتَ المسيحُ على الصَّليب، مكَّنَنا من أن نقتَرِبَ مُباشَرَةً من حضرَةِ الله. هُناكَ تطبيقاتٌ روحيَّةٌ تَعَبُّدِيَّةٌ كَثيرَةٌ يُمكِنُ إستِخلاصُها من خيمةِ العبادَةِ في البَرِّيَّة. وهذا أهمُّها: لا يزالُ مُمكناً لرجلٍ خاطئ أو إمرأةٍ خاطئة الإقتراب من الله القدوس والدخول إلى حضرتِهِ من خِلالِ طريقةِ عيش جديدة، التي أصبحت مُمكِنَة بواسطةِ يسوع المسيح ربَّنا. عندما نَقدُرُ قِيمَةَ ما توجَّبَ على اللهِ عملُهُ ليجعَلَ هذا مُمكِناً، سوفَ نَظُنُّ أنَّ النَّاسَ سيتراكَضُونَ إلى محضَرِ الله. ولكن لماذا ليست الحالُ هكذا؟ هل سبقَ ودخَلتَ إلى محضَرِ اللهِ القُدُّوس؟ قالَ يسُوع، "أنا هو الطريقُ والحقُّ والحياة، ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي." (يُوحَنَّا 14: 6) نرى هذه الحقيقةَ الروحيَّة الإنجيليَّة العظيمة مُمَثَّلَةً في خيمةِ العبادَة. فاللهُ يُريدُ أن يلتقيَ معكَ وأن يجعلَ من حياتِكَ خيمةً لهُ. وهكذا، وبعدَ أن حصلنا على وجهةِ نظرٍ عن خيمةِ العِبادَة، أصبحنا مُستعدِّينَ لدراسة سفر اللاويين القصير. إن سفرَ اللاويين كانَ بالحقيقَةِ بمثابةِ دليلٍ يستخدمهُ الكهنة. فهُوَ يقدِّمُ دليلاً يُعطِي للكهنةِ تعليماتٍ مُفَصَّلَةً عن كيفيَّةِ ذبحهم للحيوان، وماذا يفعلون بأحشائِهِ وبأجزائهِ المُختلِفة. بالطبعِ هذا ليسَ موحِياً لنا مثل المزمور الثالث والعشرين (الربُّ راعيَّ)، ولا مثل الإصحاح الثالث عشر من رسالَة كورنثوس الأولى. ولكن أرجو أن لا يتبادَر لأذهانكم أنه لا توجد حقائقُ روحيَّة أو تطبيقاتٌ تأمُّلية يُمكنُ الحصولُ عليها من سفر اللاويين. فهذا السفرُ مليءٌ بالحقائق الجميلة التي أرجو أن أُبرزَ بعضَها. الصفحة 1 من 5 يُخبِرُنا الكتاب المقدس أن المفتاح لمسحةِ الروح القدس هو الطاعة. قالَ يسوعُ: "إن كنتم تُحبُّونَني، فاحفظوا وصاياي وأنا أطلبُ من الآب فيُعطِيكُم الروحَ القُدُس." (يُوحَنَّا 14: 15، 23). بكلامٍ آخر، الطاعة هي الشرطُ المُسبَق لإختبارِ ما يدعوهُ الكتابُ المقدس "مسحةُ الروح القدس علينا." (أُنظُرْ أعمال الرُّسُل 5: 32). في مُعظَمِ مراحِل حياتِهِ، كانَ داود مثالاً عن حقيقَةِ الطاعة الممسوحة. الصفحة 1 من 2 عندَما يتعلَّمُ الوُعَّاظُ كيفَ يُلقُونَ عِظَةً، يُطلَبُ منهُم أن يفعَلُوا ثلاثَةَ أُمور: "أوَّلاً، عليكَ أنْ تُخبِرَ الناسَ ما أنتَ مُزمعٌ أنْ تخبرَهم، ثمّ عليكَ أنْ تخبرَهم، أَخيراً عليكَ أنْ تخبرَهم ما أخبرتَهم بهِ." فعِندَما كتبَ يُوحنَّا إنجيلَهُ، بإمكانِنا أن نعتَبِرَ أنَّ الأعداد الثمانِيَة عشر الأُولى بمثابَةٍ مُقدِّمَةٍ يتكلَّمُ فيها عمَّا سيُخبِرُنا بِهِ. ثمّ ِمَن الآيةِ التاسعة عشر مِنَ الإصحاحِ الأولِ وحتى العدد التاسِع والعِشرين من الإصحاح العشرين، يخبرُنا. ثمّ في العددين ثلاثين وواحد وثلاثين من الإصحاحِ العشرين يخبرُنا يوحنا بِما أَخَبرَنا بهِ. عندما يُخبِرُنا يُوحنَّا بما سيقُولُهُ لنا، فهُوَ يُخبِرِنا من جُملَةِ الحقائِق التي سيُشارِكُها معنا، أنَّهُ عندما أصبحَ كلمةُ اللهِ الحَي جسداً وحلَّ بينَنا، وعندما تفاعلَ الناسُ بشكلٍ صحيح مع يسوع، عندما قَبِلُوه وآمنوا به، وُلِدوا ثانيةً. لقد إختَبَرُوا وِلادَةً ليست جسديَّةً ولا طبيعيَّة. لقد وُلِدوا مِنَ الله. بَعدَ أن أَخبَرَنا بما سيقُولُهُ لنا، أعطانا أمثِلَةً عمَّا كتبَهُ بأنَّ أُولئِكَ الذين تجاوَبُوا بطريقَةٍ مُلائِمة معَ يسُوع، وُلِدُوا من فَوق. وهكذا يُعطينا يُوحنَّا في إصحاحٍ بعدَ الآخر، أمثِلَةً عن كيفَ تجدَّدَ الناسُ عندما كانُوا يتجاوَبُونَ بالطريقَةِ الصحيحَةِ معَ يسُوع المسيح. ويبدَأُ يُوحنَّا بإخبارِنا عن كيفَ إلتَقى بعضُ الرُّسُل أوَّلاً برَبِّهم ومُخلِّصِهم. لقد سألُوهُ أينَ يمكُث. فدعاهُم ليأتُوا وينظُرُوا أينَ يسكُن. وبما أنَّ قرارَهم بأن يأتُوا وينظُروا أينَ وكيفَ يعيش، بما أنَّ قرارَهم هذا قادَهم ليعيشوا ويمُوتُوا من أجلِِه، فلقد إختَبَروا بِوُضُوح ماذا يعني أن تُولَدَ من الله عندما تَعيشُ معَ يسُوع. في الإصحاح الثاني، نجدُ صُورَةً مجازِيَّةً عن الوِلادَة الجديد، عندما يُصوَّرُ يسُوعُ بأنَّهُ الشخص الذي يقدِرُ أن يُحوِّلَ الماءَ إلى خمر. الخُطوات التي أدَّت إلى هذه المُعجِزة، وتطبيقيَّاً، إلى الوِلادة الجديدة، نجدُها مُصوَّرَةً لنا مجازِيَّاً. أوَّلاً، بِكلِمَاتِ مريم الثلاث، "ليسَ لديهم خَمرٌ." (يُوحنَّا 2: 3). بما أنَّ الخمرَ يرمُزُ إلى الفرَح في كلمةِ الله، فبالتطبيقِ التعبُّدِيّ، فإنَّ كلمات مريم هذه هي بمثابَة إعتِراف بأنَّهُ لن يكُونَ لدينا فرَحٌ أو بأنَّنا لم نُولَد ولادَةً جديدة. الماءُ أحياناً هو رَمْزٌ للكتاب المقدسِ نفسِهِ. فهذهِ صورةٌ للخطوةِ الثانيةِ للولادة الجديدة. نقرَأُ أيضاً أنَّ كلمةَ الله هي "البِذار" الذي يُنتِجُ الولادَةَ الجديدة، ويُخبِرنا الكتابُ أنَّ الإيمانَ يأتي بالخَبَر، والخَبَرُ بكلمةِ الله. يرى البعضُ في الجرار التي مُلِئت كُلٌّ منها بِسبعين لِيتراً من الماء، صُورَةً عن حياتِنا التي تمتَلئُ بكلمةِ الله، كَخُطوَةٍ تُؤدِّي إلى الوِلادة الجديدة (يُوحنَّا 2: 7؛ أفسُس 5: 26؛ 1بطرُس 1: 23؛ رُومية 10: 17). تُمثِّلُ كلماتُ مريم للخُدَّام مِفتاحَاً لجعلِ كلمةِ اللهِ قُوَّةً في حياتِنا: "مهما قالَ لكُم فافعَلُوه!" (2: 5) فبينما تملأُ عقلَكَ وقَلبَكَ من كلمَةِ الله، مهما قالَ لكَ، ذلكَ إفعَلْهُ دائِماً. إنَّ هذه الخُطوات التي تقُودُ إلى الولادَةِ الثانِية، يُمكِنُ أيضاً تطبيقُها كنَصيحَةٍ للإنتِعاش الشخصيّ، عندما نكُونُ بحاجَةٍ للتَّجدُّدِ الرُّوحِيّ. أولئكَ الذين يَعرِفونَ إنجيلَ يُوحنَّا بِحَقّ، يعرِفُونَ أنَّ يُوحنَّا يُخبِرُنا في الإصحاحِ الثالِث عن مُعلِّم النامُوس نيقُوديمُوس، الذي كانَ ينبَغي أن يُولَدَ ثانِيَةً. علينا أن نُقدِّمَ المُلاحظَةَ التي إستخدَمَها يسُوعُ مرَّةً واحِدَةً، وذلكَ عندما كان يتحاوَرُ معَ واحِدٍ من أشهَرِ مُعَلِّمي النامُوس. فعلى الرُّغمِ من أنَّ يسُوع لم يستَخدِم قطْ عبارَة "الوِلادة الثانِية" مع َالآخرين، ولكن بحسبِ يُوحنَّا هذا ما كانَ يحصَلُ للذينَ تجاوبُوا معَ يسوعَ بِحَقّ. لقد صادَقَ نيقُوديمُوس على هُوِيَّةِ يسُوع بقولِهِ أنَّهُ مُعلِّمٌ مُرسَلٌ من الله. قالَ أحدُهم، "إنَ ما نُؤمِنُ بهِ بالفِعل، ذلكَ نفعلُهُ. وكُلُّ ما عدا ذلكَ هوَ كلامٌ دينيٌّ فارِغ." وكأنَّ هذه المُقابَلة تَبدأُ معَ قولِ نيقُوديمُوس ليسُوع، "لقد رَأَيتُ ما تعمَلُهُ، ولهذا أتيتُ لأسمَعَ ما تُعَلِّمُهُ. فبعدَ أن أصغَى الرَّبُّ يسُوعُ لهذا الإعتِراف، قالَ لمُعلِّمِ النامُوسِ هذا ما معناهُ، "عليكَ أن تبدَأَ ثانِيَةً. عليكَ أن تبدَأَ بِطَريقَةٍ أُخرى. عليكَ أن تبدَأَ معي." قالَ يسُوعُ لمُعلِّم إسرائيل هذا أن لا يتعجَّبَ إن قالَ لهُ أن يُولدَ ثانِيَةً، وكأنَّ هذا الأمر هُوَ غيرُ مفهومٍ أو غيرُ ضروريٍّ أو غيرُ معقُول. فَبِالنسبَةِ ليسُوع، القصدُ من هذه الولادة الجديدة هُوَ أن يرى ويدخُلَ إلى ملكوت الله. هذا هُوَ بِبَساطَةٍ التعليمُ أنَّ اللهَ هو مَلِكٌ، ونحنُ رعاياه. وهذا هُوَ التشديدُ الذي رأيناهُ من خِلالِ الكِتابِ المقدَّس، المُشدَّد عليهِ في هاتَينِ الكلمتَين: "اللهُ أوَّلاً!" في هذه المُحادَثَة معَ نيقُوديمُوس، قدَّمَ يسُوعُ التصريح الأكثَر عقائديَّةً عن نفسِه. لقد صرَّحَ أنَّهُ إبنُ اللهِ الوَحيد، وحَلّ الله الوحيد لمُشكِلَةِ الخَطيَّة، والمُخلِّصُ الوحيد المُرسَل من الله. ولقد صرَّحَ أيضاً أنَّ الإيمانَ بتصاريحِهِ هذه عن نفسِهِ يعني الخلاص الأبديّ، وعدم الإيمان بهِ يَعني الدينُونة الأبَديَّة (3: 14- 21). إنَّ هذه التصريحات قد قُدِّمَت جوابَاً على سُؤالٍ طرحَهُ نيقوديمُوس مرَّتَين. وكانَ هذا السؤال، "كَيف؟"بكلمةٍ واحدة، كانَ جوابُ يسُوع لهُ، "آمِن." فدورُنا في إختِبارِ الولادَةِ الجديدة هو أن نُؤمِن. أمَّا دَورُ الله فهُوَ كالريح. وليسَ بإمكانِنا أن نرى أو نتوقَّعَ من أينَ يأتي الرِّيح. "هكذا كُلُّ من وُلِدَ من الرُّوح،" كما قالَ يسُوع. وعلى الرُّغمِ من أنَّنا لا نجدُ إعترافاً صريحاً من نيقُوديموس بالإيمانِ في هذه المُقابَلة، إلا أنَّ المراجِعَ الأُخرى التي تُشيرُ إليهِ في الإنجيل والتقليد، تُقنِعُنا أنَّهُ إختَبرَ التجديد (7: 50؛ 19: 38- 42). يُخبِرُنا الإصحاحُ الرابِع قِصَّةً عن إمرأَةٍ سامِريَّةٍ بسيطَةٍ خاطئة تجدَّدَت. رُغمَ أنَّ يسُوع لم يستَخدِم هذه الكلمات معَها، ولكن بينَما يُكَيِّفُ إستعاراتِهِ المَجازِيَّة معَ حاجاتِ هذه المرأة، نُدرِكُ أنَّ هذا مثلٌ آخر عن شَخصٍ وُلِدَ ثانِيَةً، لكونِها تجاوَبَت بطريقَةٍ صحيحةٍ معَ يسُوع. يُقدِّمُ يسُوعُ نفسَهُ كالماءِ الحيّ، الذي إن شرِبَتْ منهُ لن تعطَشَ إلى الأبد. لقد قيلَ لها أنَّ شِربَها من هذا الماءِ الحي سوفَ ينبَعُ فيها كنبعِ مياهٍ حيَّةٍ يرتَوي منهُ الآخرون. ولقد تحقَّقَ هذا عندما تجدَّدَت، وذهَبت وبَشَّرت رجالَ السامِرة بالمَسيح. لقد إكتَشَفت أعظَمَ إختِبارَين في الحياة: أن تُولدَ أنتَ شخصيَّاً من جديد، وأن تُصبِحَ الأداة البَشَريَّة التي بواسطتها يتجدَّدُ الآخرُون. فكِّرُوا بهذه الأجوِبَة على هذه الأسئِلة الثلاث في الإصحاحاتِ الأربعة الأُولى من هذا الإنجيل. من هُوَ يسُوع؟ إنَّهُ كلمةُ اللهِ الحيّ الذي أصبحَ جسداً وعاشَ بينَنا، لكي نتجدَّدَ أو نولَدَ من جَديد. إنَّهُ ذلكَ الواحِدُ الذي يستطيعُ أن يُحَوِّلَ ماءَنا خمراً. إنَّهُ رجاؤُنا الوحيد ومُخلِّصُنا الوحيد. إنَّهُ الماءُ الحيّ الذي يُروي عطشنا للحياة، وينبَعُ فينا كنبعِ مياهٍ حيَّةٍ يشرَبُ منها الآخرونَ ويتجدَّدُون. ما هُوَ الإيمان؟ إنَّ الإيمان هُوَ التجاوب بطريقَةٍ صحيحَةٍ مع ما قالَهُ يسُوعُ عن نفسِه. الإيمانُ هو، "تعالَ وانظُرْ أينَ وكيفَ يعيش." الإيمانُ هو الإستِماعُ إلى كلمةِ اللهِ وطاعتها. الإيمانُ هو بسيطٌ ببساطَةِ شُربِكَ للماء، عالماً أنَّهُ سيُروي عطَشَكَ. وما هِيَ الحياة؟ الحياةُ هي أن تُولدَ من جديد. الحياةُ هي أن تتحوَّلَ ماءُكَ خمراً. الحَياةُ هي أن ترى وتدخُلَ ملكوتَ الله الأبديّ. الحَياةُ هي شربُ الماء الحي الذي يُروي عطشكَ في الحياة ويُصبِحُ فيكَ نبعاً يشرَبُ منهُ الآخرونَ ويُروُونَ ظمأَهُم الروحي العميق.
|