في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
أحدُ أكثر المقاطع المألُوفَة في الكتابِ المُقدَّس، هُوَ الإصحاحُ الثَّالِث من سفرِ التَّكوين، حيثُ يأكُلُ آدَمُ وحَوَّاءُ الثَّمرَةَ المَمنُوعَة. يُرينا الإصحاحُ الثَّانِي الإنسانَ كما كانَ عندما خُلِقَ وكما قصدَ اللهُ لهُ أن يحيا حياتَهُ. يُرينا هذا الإصحاحُ الخَطِيَّةَ – كما كانت عليهِ آنذاك، وكما هي عليهِ اليوم. ويُرينا آدم وحَوَّاء يُواجِهانِ نفسَ القَرار الذي نُواجِهُهُ جميعاً عدَّةً مرَّاتٍ في اليوم، ألا وهُوَ: هل سنتصرَّفُ على طَريقَةِ اللهِ أم على طريقَتِنا؟ لقد خلَقَنا اللهُ مخلُوقاتٍ ذات خَيار. ولهذا بإمكانِنا أن نعمَلَ إرادَةَ اللهِ أو أن نعمَلَ إرادَتنا. يَصِفُ الإصحاحُ الثَّالِثُ من سِفرِ التَّكوين هذه الأزَمة عندما حَدَثَت لأوَّلِ مرَّة. وهُوَ يَصِفُ معرَكَةَ الإراداتِ كما كانت عليهِ في ذلكَ الزَّمان، لكي نفهَمَ هذه المعرَكَة كما هي في حياتِنا الآن. ولقد تمَّ شَرحُ الوَضعِ لنا سابِقاً، أي في تكوين 2: 8- 9: "وَغَرَسَ الرَّبُّ الإلهُ جَنَّةً في عَدن شَرقاً. ووضَعَ هُناكَ آدمَ الذي جبَلَهُ. وأنبَتَ الرَّبُّ الإلهُ منَ الأرضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وجَيِّدَةٍ للأَكلِ. وشجرَةَ الحياةِ في وسطِ الجَنَّةِ وشَجَرَةَ مَعرِفَةِ الخَيرِ والشَّرِّ." في مَكَانٍ ما على الطَّريق، أخَذَ أشخاصٌ فكرَةَ كونِ الشجَرَةِ المَمنُوعَة شجَرَةَ تُفَّاحٍ، ولكن لا يُوجَدُ أيُّ ذكرٍ للتُّفَّاحِ لا هُنا ولا في الإصحاحِ الثَّالِث من سفرِ التَّكوين. بدلَ ذلكَ، نقرَأُ عن شَجَرَةِ الحياة، وشجَرَةِ معرِفَةِ الخَيرِ والشَّرّ. قبلَ أن نُتابِعَ، نحتاجُ أن نتكلَّمَ عن نوعِ اللُّغَةِ التي تُستَخدَمُ هُنا. هذه القِصَّة هي حقيقَةٌ تاريخيَّة، ولكنَّها أيضاً مجازِيَّةٌ رَمزِيَّة. المجازُ هُوَ قِصَّةٌ يتَّخِذُ فيها الأشخاصُ، الأماكِنُ والأشياءُ معنىً إضافِيَّاً على المعنى التَّارِيخيّ الواضِح، وغالِباً ما يحملُ تعليماً أخلاقيَّاً. في وَصفِ جَنَّةِ عَدَن، أنواعُ الأشجارِ التي نقرَأُ عنها تُشيرُ إلى أنَّ اللهَ كانَ سيُلَبِّي إحتِياجاتِ الإنسان في ذلكَ المكان. لاحِظُوا الأولويَّة: قبلَ كُلِّ شَيء، هذه الأشجارُ كانت ستُشبِعُ حاجَةَ الإنسانِ للنَّظَر؛ ثُمَّ كانت ستُلَبِّي حاجَتَهُ للطَّعام، ومن ثَمَّ كانت ستَمنَحُهُ الحياة. ولكن كانت هُناكَ أيضاً شجرَةُ المعرفة، وقد كانت محظُورَةً من قِبَلِ الله. في الإصحاحِ الثَّالِث، حَيثُ جَرَت أحداثُ قِصَّةِ الخَطيَّةِ الأُولى، لاحِظُوا أنَّ ترتيبَ الأولويَّاتِ تَغَيَّر. فبَدَلاً من وضعِ حاجَةِ العَينِ أوَّلاً، والطَّعام ثانِياً، والحَياة ثالِثاً، والمعرِفَة أبداً بتاتاً، وضَعُوا الطَّعامَ أوَّلاً، ثُمَّ العَين، ثُمَّ الحَياة، ثُمَّ المعرِفَة – ولم يَصِلُوا أبداً إلى الحَياة. وبدَلَ ذلكَ، حَصَلوا على المَوتِ الرُّوحِيّ. نَقرَأُ في تَثنِيَة 8: 3 أنَّهُ، "ليسَ بالخُبزِ وحدَهُ يحيا الإنسان، بَل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تخرُجُ من فَمِ الله." فنَحنُ بالحقيقَةِ لا نَعيشُ عندما نخرُجُ ونَبحَثُ عن طُرُقٍ نُشبِعُ من خلالِها إحتِياجاتِنا. فبِحَسَبِ هذا العدد، الحياةُ الحقيقيَّةُ تأتي من إطاعَةِ كُلِّ كَلِمَةٍ تخرُجُ من فَمِ الله. عندما وضعَ اللهُ آدَمَ وحَوَّاءَ في الجَنَّةِ، وفَّرَ لهُما كُلَّ ما كانا يحتاجانِهِ. ولقد عرفَ إحتياجاتِهِما لأنَّهُ هُوَ الذي خَلَقَهُما. وبما أنَّهُ هُوَ الذي خلقَنا، فهُوَ يَعرِفُ إحتِياجاتِنا نحنُ أيضاً؛ ولدَيهِ كُلُّ نِيَّةٍ بتَوفِيرِ ما نحتاجُهُ. قد تتَساءَلُونَ الآن لماذا أتَتِ العَينُ أوَّلاً في لائحَةِ الأولويَّاتِ. عندما يذكُرُ الكتابُ المُقدَّسُ العَينَ، فهُوَ غالِباً لا يَعني العين حَرفِيَّاً. فمَثَلاً، في متَّى 6: 22- 23، قالَ يسُوع، "سِراجُ الجَسَد هُوَ العَين؛ فإن كانت عينُكَ بَسيطةً، فجَسَدُكَ كُلُّ يكُونُ نَيِّراً. وإن كانت عينُكَ شرِّيرَةً، فجَسَدُكَ كُلُّهُ يكُونُ مُظلِماً." لم يكُنْ يسُوعُ يتكلَّمُ عن الرُّؤيا الرُّوحيَّة. بل كان يتكلَّمُ عنِ الطَّريقَة التي بها ننظُرُ للأُمُور، أو ذهنِيَّتِنا، أو نظرتِنا للحياة. وعندَما وضعَ اللهُ هكذا أولويَّة سامِية على ما هُوَ جَيِّدٌ للنَّظَرِ في جَنَّةِ عدَن، كان يَقُولُ بالحقيقَةِ أنَّهُما كانا بحاجَةٍ أن ينظُرا إليهِ لكَي يُشبِعا حاجَةً واحدَةً من أعظَمِ إحتِياجاتِهِما. فأعظَمُ حاجَةٍ كانت لدَيهِما وأعظَمُ حاجَةٍ لدينا، هي أن ندعَ اللهَ يُظهِرُ لنا كيفَ ينبَغي أن نرى الأُمُور. ولكن تُوجَدُ صُورَةٌ أُخرى في هذا الإصحاحِ أيضاً. فبعدَ أن إستَسلَمَ آدَمُ وحَوَّاءُ للتَّجرِبَة، نقرَأُ أنَّهُما سَمِعاً صَوتَ الرَّبِّ الإلهِ ماشِياً في الجَنَّةِ عندَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهار، فإختَبَأَ آدَمُ وامرأَتُهُ من وَجهِ الرِّبِّ الإلهِ في وسطِ شَجَرِ الجَنَّةِ. فنادَى الرَّبُّ الإلهُ آدَمَ وقالَ لهُ أينَ أنتَ؟" (تَكوين 3: 8- 9). مِنَ المُثِيرِ للإهتِمامِ أنَّ اللهَ بدَأَ هذا الحِوارَ معَ آدمَ وحَوَّاء بطرحِ أسئِلة: "أينَ أنتَ؟ من أخبَركَ أنَّكَ عُريان؟ (تكوين 3: 9- 11) لقد كانَ اللهُ يعرِفُ الأجوِبَة مُسبَقاً بالطَّبع؛ فهُوَ مَوجُودٌ في كُلِّ مكانٍ في نفسِ الوقت، وهُوَ يرى كُلَّ شَيء. لقد طرحَ اللهُ هذه الأسئِلة، بسببِ أُمُورٍ كان يجهَلُها كُلٌّ من آدَم وحَوَّاء. كان المَقصُود منَ الأسئِلة جعلُهُما يُفَكِّران. فعندما سألَ اللهُ، "أينَ أنتَ؟" كانت بالحقيقَةِ يسأَلُ، "لماذا تختَبِئُ منِّي؟" السُّؤالُ الثَّاني الذي طرَحَهُ اللهُ، بعدَ إعتِرافِ آدَم بأنَّهُ إختَبأَ لأنَّهُ كانَ عُرياناً، هُوَ سُؤالٌ مُفَضَّلٌ عِندِي: "من أعلَمَكَ أنَّكَ عُريانٌ؟" (تكوين 3: 11 أ) في اللُّغَةِ العِبريَّة، نقرأُ هذا العدد على الشَّكلِ التَّالِي: "من جَعَلَكَ تَعرِفُ ذلكَ؟" والجوابُ الحقيقيُّ هوَ بالطَّبعِ أنَّ اللهَ كان مصدَرَ تلكَ المعلُوماتِ، بما أنَّهُ هُوَ مَصدَرُ كُلِّ المعلُوماتِ الأُخرى. هُناكَ بعضُ المعلوماتِ التي يُريدُنا أن نعرِفَها، وهُناكَ معلُوماتٌ أُخرى إختار أن يُخفِيَها عنَّا، ولكن لا تُوجَدُ معلُوماتٌ خَفِيَّةٌ على اللهِ نفسِه. ففي كُلِّ مَرَّةٍ نعرفُ أينَ نحنُ رُوحِيَّاً، إذا فَكَّرنا بهذا الأمر، نَجِدُ أنَّ اللهَ هُوَ الذي يجعَلُنا نعرِفُ أينَ نحنُ، وأينَ ينبَغي أن نَكُون. السُّؤالُ التَّالِي الذي طَرَحَهُ اللهُ كانَ، "هل أكَلتَ منَ الشَّجَرَةِ التي أوصَيتُكَ أن لا تأكُلَ منها؟" (تكوين 3: 11 ب). لقد عصا آدم وحوَّاء على الله، وإختَبآا خلفَ شجرِ الجَنَّةِ، واضِعَينِ أوراقَ تينٍ لِسَترِ عُريِهِما، متَحَمِّلَينِ عواقِبَ خَطِيَّتِهما. إن كُنتَ تقتاتُ على مائدَةٍ كَريهَةٍ هي عواقِب خطايا إرتَكبتَها، إطرَحْ على نفسِكَ هذا السُّؤال: هل كُنتَ تأكُلُ منَ الشَّجَرَةِ التي قالَ لكَ الرَّبُّ أن لا تأكُلَ منها؟ وهل كُنتَ تتجاهَلُ وتَعصى كلمةَ الله؟ وهي تتجاهَلُ توجِيهاتِهِ لكَ في الحياة؟ السُّؤالُ الرَّابِعُ الذي طَرَحَهُ اللهُ هُو، "ماذا فعَلتِ؟" ولقد وَجَّهَهُ اللهُ إلى حَوَّاء، وهُوَ يُنتِجُ إعتِرافاً، حتَّى ولو كانَ الإعتِرافُ مُذَيَّلاً بعُذرٍ أو بِحُجَّة. إن كَلِمَة "إعتِراف" تأتي من كلمتَينِ تعنِيانِ، "قَول المِثل." حرفِيَّاً، الإعتِرافُ هُوَ المُوافَقة معَ اللهِ فيما يقُولُهُ عمَّا فعلتَهُ. لقد أرادَ اللهُ أن تضعَ حوَّاءُ كُلَّ الحقائِق على الطَّاولَة بينَها وبينَ الله، لكي يتعامَلاً معاً بِجدِّيَّةٍ معَ ما حدَثَ. وهذا ما يُريدُهُ اللهُ منَّا اليوم. إنَّهُ يُريدُنا أن نُدرِكَ ما فعلنا، وأن نُواجِهَهُ بأمانَةٍ وإخلاص. يُشَكِّلُ تكوين 3 صُورَةً عن شَخصَينِ أخطآا، وكيفَ تعامَلَ اللهُ معَهُما، ولكنَّهُ أيضاً صُورَةٌ عنَّا جَميعاً، نحنُ الذين أخطأنا، ويُرينا الإصحاحُ الثَّالِثُ كيفَ يتعامَلُ اللهُ معنا عندما نختَبِئُ منهُ بسببِ خطايانا. إنَّها صُورَةُ الخَطِيَّةِ وعواقِبِها. وهي أيضاً صُورَةُ اللهِ الذي يُلاحِقُ الخَاطِئَ ليُقيمَ معَهُ حواراً أو مُحادَثَةً. تعني كلمة "تثنية": "إعادة أو تكرار الناموس." ولكنَّنا سوفَ نجدُ في هذا السفر أكثر من مُجرَّد إعادة للناموس. فهذا السِّفرُ المُوحَى بهِ هُوَ أيضاً تطبيقٌ لِنامُوسِ اللهِ على الجيلِ الثَّانِي من شَعبِ اللهِ المُختار. إنَّ سفرَ التثنية هو أيضاً بمثابةِ سجلٍّ لعظاتِ موسى العظيمة للشعب قبلَ أن يعبُروا نهرَ الأُردنَّ ويدخُلوا كنعان. فالجملةُ الإفتتاحيَّة لسفرِ التَّثنية تُساعِدُنا على فهمِ فحوى هذا السِّفر. تقولُ هذِه العِبارَة، "إنَّ هذا السفر يُسجِّلُ خِطابَ موسى لشعبِ إسرائيل، عندما كانوا مُخيِّمِين في وادي العَرَبَة، في برِّيَّةِ موآب، شرقي نهرِ الأُردن. أُلقِيَ هذا الخِطاب بعدَ أن تركَ الشعبُ جَبلَ حُوريب بأربعين سنةً." (تَثنِيَة 1: 1، 3) رأينا في سفرِ العدد أنَّ بني إسرائيلَ سارُوا في البَرِّيَّةِ لِمُدَّةِ أربَعينَ سنَةً. فلقد خرجوا من جاسان في مصر، ونزلوا إلى جبلِ سيناء، ثُمَّ إلى قادَش برنيع. وبما أنَّهُم لم يتحلُّوا بالإيمانِ الكافي لدخُولِ أرضِ كنعان، تاهوا في حلقاتٍ مُفرَغَة لمدَّةِ ثمانٍ وثلاثين سنةً. فماتَ جيلٌ كامِلٌ منهُم في تِلكَ البَرِّيَّة. وفي النهاية، أبناءُ الجِيلِ الذي ماتَ في البَرِّيَّة كانَ لديهِم الإيمانُ لدخُولِ أرضِ كنعان. وكانُوا قد حَطُّوا الرِّحالَ على شرقِ نهرِ الأُردنّ، قبلَ أن يعبُروا نهرَ الأُردنّ ويدخُلوا أرضَ كنعان. وبإستِثناءِ كالِب ويَشُوع، ماتَ الجِيلُ بكامِلهِ الذي كانَ يعيشُ عندما أُعطِيَ النَّامُوسُ في المَرَّةِ الأُولى. فقبلَ أن يحتلُّوا كنعان، أرادَ موسى التأكُّد قبلَ موتِه، من أنَّ هذا الجيل الثاني قد سمِعَ كلمةَ الله التي أعطاها اللهُ لهم وللجِيلِ الذي سَبَقَهُم من خِلالِه على جبلِ سيناء. ولقد أرادَ أيضاً أن يضعَ أمامَهُم التَّحَدِّي بأن يتعهَّدُوا بتعليمِ أولادِهم نامُوسَ الله. أحياناً يدُورُ المُؤمنُونَ في حَلَقاتٍ مُفرَغَة لسنواتٍ عديدة. فَعِندَما يُقَرِّرُونَ أن يغلِبُوا كنعانَهُم الرُّوحِيَّة، فيَختَبِرُوا الحياةَ في المسيح، تلكَ الحياة التي من أجلِها خلَّصَهُم المسيحُ، وعندما يُقَرِّرُونَ أن يأخُذُوا منَ اللهِ كُلَّ ما أعدَّهُ لهُم، عندها يُصبِحُونَ حاضِرينَ ومُستَعدِّينَ لِقراءَةِ سفرِ التَّثنِيَة. فهذا السِّفرُ مَليءٌ بالدُّرُوسِ للذي قَرَّرَ أن يُلقِيَ نظرَةً جدِّيَّةً على الحياةِ الجديدَةِ في المسيح، وأن يستسلِمَ كُلِّيَّاً لهُ. إن كانت هذه هي حالُكَ، فسفرُ التَّثنِيَةً هُوَ لكَ. موضوعٌ هامٌّ آخر في سفرِ التثنية يتعلَّقُ بتحوُّلِ كلمةِ الله إلى حقيقةٍ في حياةِ شعبِ الله. في واحِدَةٍ من أعظَمِ عظاتِهِ، تحدَّى مُوسى أبناءَ الجيلِ الذي ماتَ في البَرِّيَّة، فحثَّهُم على التأكُّدِ من كونِهم قد أوصَلوا كلمةَ اللهِ هذه لأولادِهِم. أعظَمُ عظاتِ مُوسى يعتَقِدُ البَعضُ أنَّ تَثنِيَة 6: 4- 9 هُوَ أعظَمُ عظَةٍ ألقاها مُوسى على الإطلاق. فهذا المقطع من كلمةِ اللهِ كانَ يُعتَبَرُ قانُونَ الإيمانِ اليهوديّ الأساسيّ. وهذا هُوَ جَوهَرُ العِظَة: "إسمَعْ يا إسرائيل، الربُّ إلهُنا ربٌّ واحِد. فتُحبُّ الربَّ إلهكَ من كلِّ قلبِكَ ومن كُلِّ نفسِك ومن كُلِّ قُوَّتِك. ولتكُنْ هذه الكلماتُ التي أنا أُوصيكَ بها اليوم على قلبِك. وقُصَّها على أولادِك وتكلَّم بها حينَ تجلسُ في بيتِك وحين تمشي في الطريق وحين تنامُ وحينَ تقومُ. واربُطها علامةً على يدِك ولتكُنْ عصائبَ بينَ عينيك. واكتُبها على قوائمِ أبوابِ بيتِك وعلى أبوابِك." يُوجَدُ المَزيدُ من هذهِ العِظَة، ولكن هذا هُوَ جَوهَرُها وجوهَرُ سفرِ التَّثنِيَة. فالذي كان موسى يقولُهُ لهذا الشعب مُباشرةً قبلَ عُبورِهم نهرَ الأُردن ودخولِهم أرضَ كنعان هو أنَّ اللهَ دعاهُم ليَكُونُوا شَعباً يُحِبُّ الرَّبَّ من كُلِّ كيانِهِم. ولِكَي يُظهِرُوا لهُ محبَّتَهُم، كانَ عليهِم أن يُطِيعُوا كَلِمَتَهُ. ولِكَي يُطِيعُوا كَلِمَتَهُ، كانَ عليهِم أن يعرِفُوها. لقد أرادَ اللهُ من بَني إسرائيلَ أن يَكُونُوا شَعباً يُطِيعُونَهُ من كُلِّ كَيانهم. لهذا كَلَّفَهُم مُوسى بأن يُحِبُّوا اللهَ من كُلِّ كَيانِهم، وأن يعرِفُوا ويُطِيعُوا كَلِمَتَهُ وأن يُوصِلُوا هذه القِيَم إلى أولادِهِم. الأُسُس الأربَعة لتَربِيَةِ الأولاد إن ما كان موسى يقولُه لهم هو كيفَ يُعلِّمون أولادَهم ليكونوا شعباً يُحِبُّون الله ويُطيعونَه. إن هذه العمليَّة التربويَّة التي يصفُها موسى، تجدُها ترتكزُ على أربعةِ أُسُس. الأساسُ الأولُ هو أساسُ كَلِمَةِ اللهِ. فإن كانَ الأولادُ سيُحِبُّونَ الله، فأساسُ تعلُّمِهم ينبَغي أن يَكُونَ كلمة الله. يَقولُ الكتابُ المُقدَّسُ لاحِقاً في مكانٍ آخر: "رَبِّ الوَلَد في طَريقِهِ، فمتى شاخَ أيضاً لا يَحيدُ عنهُ." (أمثال 22:6).
أساسٌ ثانٍ بُنيت عليهِ هذه العملية التربويّة هو المسؤوليَّة. فمن هو صاحبُ المسؤوليَّة في تربيةِ الأولاد؟ يظنُّ البعضُ أن مسؤولية التربية تقعُ على عاتِقِ الدولة. ينظُرُ النَّاسُ إلى المدارِسِ الرَّسمِيَّة، ويَظُنُّونَ أنَّ مسؤوليَّة تعليم الأولاد ما يحتاجُونَ معرفَتَهُ، تقعُ على عاتِق الدولَة. آخرون يقولون إنها مسؤوليَّة الكنيسة. فيأخُذُونَ أولادَهُم إلى مدرسةِ الأحد صباح كل يوم أحد، ظانِّينَ أنَّ الكنيسةَ ستُعَلِّمُ الأولادَ أن يُحبُّوا الله وكلمتَه. يضعُ موسى مسؤوليَّة تربية الأولاد وتعليمهم على كاهِلِ الأهل. يَحُضُّ مُوسى الآباءَ أن يدعُوا كلمَةَ اللهِ تَسكُنُ في قُلُوبِهم، ومن ثَمَّ أن يُعَلِّمُوها لأولادِهم. لقد كانَ مُوسى يتكلَّمُ بِوَعيٍ، وبوحيِ اللهِ عندما عَلَّمَ أنَّ الأبَ ينبَغي أن يَقومَ بمسؤوليَّةِ تعليمِ كلمةِ اللهِ لأولادِه. فكَلِمَةُ اللهِ تُعَلِّمُ دائماً بهذا المبدأ. الأساسُ الثالثُ التي بُنيت عليهِ هذه العمليَّةُ التربويَّة التعليميَّة هو العلاقات. لقد وعظَ موسى، "عندما تقومُ في الصباح مع أولادِك، عندما تجلسُ معهُم في البيت، عندما تخرجُ معهم على الطريق، وعندما تنامُ ليلاً معهُم، علِّمهُم كَلِمَةَ الله." يعتَقِدُ الكَثيرُ منَ الآباءِ أنَّ هذا ليسَ واقِعيَّاً، لأنَّهُم يكُونُونَ خارِجَ المنزِل عندما يستَيقظُ أولادُهم، أو عندما يأوُونَ للفِراش. منَ المُهِمِّ أن تقومَ بِتَفسيرِ حضارَتِكَ على ضَوءِ كلمةِ اللهِ، بدلَ تفسيرِ كلمةِ اللهِ على ضَوءِ حضارَتِكَ الخاصَّة. في هذه الحال، لا ينبَغي أن يَتِمَّ تفسيرُ الكتابِ المُقدَّس على أساسِ بَرنامَجِ عملِكَ. بل ينبَغي أن يَتِمَّ تفسيرُ برنامَجِ عملِكَ على ضَوءِ تعاليمِ كلمةِ الله. إنَّ هذه العظة العظيمة التي ألقَاها مُوسى تُعَلِّمُكَ بِضَرورَةِ إقامَةِ علاقَةٍ معَ أولادِكَ، لأنَّ هذه العلاقة سوفَ تُشَكِّلُ ديناميكيَّة حَضَارَة عائِلَتِكَ. لا تُوجَدُ طريقَةٌ يُمكِنُ من خلالِها أن تتبَعَ تعليماتِ مُوسى، بِدُونِ أن تَكُونَ لكَ علاقةٌ معَ أولادِكَ. فهذه العلاقَةُ هي جزءٌ هامٌّ وحَيويٌّ من هذه العمليَّة التربَويَّة. الأَسَاسُ الرابع الذي ترتكزُ عليهِ عمليَّةُ موسى لتعليم الأولاد، هو ما أُسمِّيهِ الواقِع. لاحظ أن موسى قال، "لتكُن هذه الكلمات التي أنا أُوصيكَ بها اليوم على قلبِك. تُحبُّ الربَّ إلهكَ من كلِّ قلبِك، ومن ثمَّ علِّمْ هذه الكلمات بعنايةٍ لأولادك." لا تُهمِلْ هذا الواقِع. فأولادُنا يتعلَّمُونَ ممَّن نَكُونُهُ ونعمَلُهُ معَهُم، أكثر ممَّا يتعلَّمُونَهُ ممَّا نَقُولُهُ لهُم. قالَ يسوع ما معناهُ، "أرِني كنزَك، وهكذا تُريني قِيَمَك. أرِني قِيَمَك، وهكذا تُريني قلبَك." (متَّى 6: 20- 22) بالعربي الفَصيح، إن ما يعنيهِ هذا هو: أرِني كيفَ استخدَمتَ مالكَ في الخمس سنوات الأخيرة. أرني كيفَ صرفتَ وقتكَ ومالكَ وجُهدَك. فبهذا سوفَ تُريني قِيَمَك، وسوفَ تُريني أينَ هُو قلبُكَ. فأولادُنا يتعلَّمُونَ من مُراقَبَتِهم لطريقَةِ حياتِنا أكثَر ممَّا يتعلَّمُونَ من إستِماعهم لما نُعَلِّمُهُم بهِ عن قِيَمِنا العائِليَّة. فما نُعَلِّمُهُ لأولادِنا ليسَ محاضراتُنا عن القِيَم، بل بما هي قِيمُنا في واقِعها الحقيقيّ. إنَّ الأُسُسَ الأربَعة التي ترتَكِزُ عليها خِطَّةُ تَربِيَةِ الأولاد كما يُقدِّمُها لنا مُوسى، هذه الأُسُس الأربَعة هي: كلمةُ الله، المسؤوليَّة، العلاقة، والواقِع. في كُلٍّ من الأناجيل الأربَعة، نرى يسوع مُصوَّراً كأكثَرِ من رجُل ذا رِسالة. نراهُ مُصوَّراً كرَجُلٍ ذا ستراتيجيَّة لتتميم هذه الرسَّالة. هذا يصحُّ بِشكلٍ خاص على إنجيلِ متى. فلو عرفتَ مثلاً أنَّهُ لم يعُدْ أمامَكَ لِتَعيش إلا ثلاث سنوات، وأردتَ أن تَصِلَ إلى العالَمِ أجمَع برِسالتِك، ماذا ستفعَل؟ لقد عرفَ يسوعُ أنَّهُ لم يعُدْ لدَيهِ إلا ثلاث سنوات ليعيش، وأرادَ أن يَصِلَ إلى العالمِ أجمَعِ بإنجيلِه. فما الذي فعلَهُ على ضوءِ معرِفَةِ هذا الأمر؟ إنَّ طرحَ هذا السؤال والإجابَةَ عليهِ بينما نقرَأُ إنجيلَ متَّى، سيُحدِّدُ سترايجيَّة يسوع لإتمامِ أهدافِ رِسالتِه. إذا أخذتَ دُرُوساً حولَ كيفَ يُمكِنُكَ أن تكون مُديراً تنفيذيَّاً، سيُقَالُ أنَّكَ لِكَي تُصبِحَ مُديراً تنفيذيَّاً فعَّالاً، عليكَ: بالتحليل، بالتنظيم، بالتفويض، بالإشراف، وبالمُعاناة. في إنجيلِ متى، كُلَّ مرَّةٍ نقرَأُ فيها أنَّ يسوعَ رأى الجُمُوع وأشفقَ عليهم، نرى صُورَةً عن شفقتِهِ على العالَمِ أجمَع، وعن ستراتيجيَّتِهِ للوُصُولِ إلى العالَمِ أجمَع برسالةِ خلاصِه. عندما نظرَ يسوعُ إلى الجمُوع بعَينِ الشفقة، قامَ دائماً بعمَلٍ ستراتيجيّ. أوَّلُ مرَّةٍ نرى هذا يَرِدُ في إنجيلِ متى، هو عندما كانَ يسوعُ يشفي كُلَّ مرَضٍ في الشعب على ضِفافِ بحرِ الجليل. لقد حلَّلَ حاجات الجُمُوع، ومن ثمَّ نظَّمَ ما أُسمِّيهِ، "الخُلوَةُ المَسيحيَّةُ الأُولى،" حيثُ أعطَى عظتَهُ على جَبَلِ الزَّيتُون (متى 4: 23 – 5: 2). المرَّةُ التالية التي نظرَ فيها إلى الجُموع بعَينِ الشفقة، فوَّضَ بعضاً من الذين أصغُوا إلى تعليمِهِ على قِمَّةِ الجبل، ليكُونوا رُسُلاً أو مُرسَلين، بالمعنى المُعاصِر للكلمة. هُناكَ فرقٌ بينَ التلميذ والرَّسُول. لقد كانَ لدى يسوع عدَّة تلاميذ – أو أتباع، ولكن لم يكُنْ لديهِ إلا إثنا عشرَ رسُولاً. بإمكانِنا أن نقُول أنَّهُ الآن قد حَلَّلَ، نظَّمَ، وفوَّضَ أُولئكَ الذين سيُطبِّقُونَ ستراتيجَّتَهُ للوُصُولِ إلى العالم. وإذ نتَتَبَّعُ آثارَ ستراتيجيَّتِهِ عبرَ إنجيلِ متَّى، نقرَأُ عن حادِثَتَين شِبه مُتَطابِقَتَين. هُنا نظَرَ يسوعُ مُجدَّداً إلى الجُمُوع وأشفَقَ عليهِم. هذه المرَّة، بالإضافةِ إلى كُلِّ مشاكِلِهم الأُخرى، كانُوا جِياعاً. فجاءَ الرُّسُل إليهِ وطلبُوا منهُ أن يُرسِلَ الجُمُوعَ بعيداً لكَي يبتاعُوا طعاماً. فتحدَّى يسوعُ رُسُلَهُ بالسؤال التالي، "كم من الخُبزِ لدَيكُم؟ ثُمَّ قالَ لهُم أنَّهُ لا يتوجَّبُ على الجُموع أن يذهبُوا إلى أيِّ مكان، لأنَّ الرُّسُل كمُفَوَّضين عنِ المسيح، بإمكانِهم أن يُلبُّوا حاجات هؤلاء الجُمُوع. إنَّ هذه القصَّة المألُوفة، والتي هي مُعجِزَةُ يسوع الوحيدة المُسجَّلة في كُلٍّ من الأناجيل الأربَعة، هي بالحقيقَةِ مثَلٌ عن رُؤيا يسوع الإرساليَّة (متى 14: 14- 36؛ 15: 32- 39). إذا لاحظنا أنَّ الجُمُوعَ يُمثِّلُونَ العالم بِكُلِّ حاجاتِه، - عندما نراهُ يُكلِّفُ الرُّسُلَ ستراتيجيَّاً ويُفوِّضُهم ليحمِلُوا بركاتِهِ لسَدِّ حاجاتِ هذه الجُمُوع، نُدرِكُ أنَّنا نقرَأُ قصَّةً ترمُزُ إلى ستراتجيَّة يسوع لسدِّ حاجاتِ العالم. إن توفير أو تدبير الله الخارِق للطبيعة لِسدِّ حاجاتِ الجُمُوع، لا ينتَقِلُ مُباشَرَةً من يسوع إلى الجُموع. إنَّ بركات الله مرَّت من يسوع إلى الجمُوع من خِلالِ أيدي الرُّسُل. إنَّ هذه لا تزالُ خُطَّتُهُ اليوم. فالمسيحُ المُقامُ الحيُّ يختارُ أن يستَخدِمَ تلاميذَهُ لِكَي يُمرِّرَ حقَّهُ وإنجيلَهُ لأولئكَ الذين يحتاجُونَ خلاصَهُ. إن القصَّةَ المُوحى بهِا من الله لهذه المُعجِزة هي بِشكلٍ واضِح قصَّةٌ يأخُذُ فيها النَّاسُ والأماكِنُ والأشياء معنَىً أعمَق. إنَّ ستراتيجيَّة يسوع المُمَثَّلَة بهذه المُعجِزة تجِدُ أقصى معناها في نِهايَةِ إنجيلِ متَّى عندما يُسجِّلُ متى الطريقة التي أعطى بها يسوعُ ما نُسمِّيهِ المَأمُوريَّةَ العُظمَى (متَّى 28: 16- 20). عندما كانَ يسوعُ على وَشَكِ الإرتِفاع عن هذا العالَم ومُغادَرَتِه، أمرَ هؤلاء الرِّجال بأن يذهبُوا إلى العالَمِ أجمَع كمُمَثِّلينَ عنهُ. قد نستطيعُ القول أنَّهُ بعدَ صُعودِهِ، إتِّخَذَ يسوعُ آخِرَ خُطوَتَين كمُدِيرٍ تنفِيذِي فعَّال، مُشرِفاً على تلاميذِهِ عبرَ أكثر من ألفَي عام من تاريخِ الكنيسة، بينما هُم يُحاوِلونَ الوُصُول إلى العالم من أجلِ المسيح. ويبدو من المَنطِقِيّ أن نستَنتِجَ أنَّهُ أيضاً تألَّمَ عندما راقَبَ جُهودَهُم. وهذا يَصِحُّ بِشكلٍ خاصّ على مراحِل الإضطِّهاد الفظيع الذي عانى منهُ المسيحيُّونَ في القُرُون الثلاثة الأُولى من تاريخِهم. بإمكانِنا أن نفتَرِض أنَّ المسيحَ إستمرَّ بالمُعاناةِ والألَم طِوالَ الألفي سنة من الإضطِّهاد الذي حدَثَ في تاريخ الكنيسة ولا يزالُ يحدُثُ اليوم في عدَّةِ أماكِن من العالَم. بإمكانِنا أيضاً أن نفتَرِض أنَّهُ تألَّمَ عندما كُتِبَت بعضُ الفُصُول الرهيبَة من تاريخِ الكنيسة. ينبَغي أن يُساعِدَنا هذا على فهمِ كنيسةِ اليوم. بإمكانِنا أن نرى جَوهَرَ قصد الكنيسة إذ نُراقِبُ يسوعَ وهُوَ يُطبِّقُ ستراتيجيَّتَهُ في إنجيلِ متى. إنَّ الكَنيسَةَ هي مُؤسَّسَةٌ إرساليَّة، وهي مُصَمَّمَةٌ ومُحرَّكَةٌ من قِبَلِ المسيح لتكُونَ وسيلَةَ نقلٍ من خِلالِها تُعلَنُ نِعمَةُ وحقُّ يسوع المسيح لِهذا العالم. جميعُ الخُطَط والبرامِح والنشاطات في الكنيسة ينبَغي أن تكونَ وسيلَةً تُؤدِّي نحوَ هذه الغايَة. إنَّ التأكيدَ العظيم لهذه الحقيقة هو سفرُ الأعمال. إنجيلُ متى يُختَمُ بمأمُوريَّةِ يسوع لكنيستِهِ لتَذهَبَ وتكرِزَ بالإنجيل للعالَمِ الهالِك. وإذ يذهَبُون، عليهِم أن يُقيمُوا تلاميذ، ويُعمِّدُوهُم، ويُعلِّمُوهم جميعَ ما علَّمَهُم إيَّاهُ يسوع. في سِفرِ الأعمال، هذا بالتحديد ما كانُوا يفعَلُونَهُ. ففي يومِ الخَمسين قَبِلُوا مَوهِبَةَ الرُّوحِ القُدُس – قُوَّة الله – لكي يعمَلُوا هذا الأمر، وبينما هُم يُتمِّمُونَ هذه المأمُوريَّة العُظمَى، وُلِدَتِ الكنيسةُ. إنَّ سفرَ الأعمال هُوَ بِبَساطَة سَردٌ لِذهابِ الرُّسُل إلى عالَمِهم، وكيفَ أقامُوا تلاميذ وعمَّدُوهُم وعلًَّمُوهُم جميعَ ما علَّمَهُم إيَّاهُ الرَّبُّ. إنَّ سِفرَ الأعمال وتاريخَ الكنيسة يُخبِرانِنا أنَّ ستراتيجيَّةَ يسوع هي سارِيَةُ المفعُول. ونحنُ الذين نُشكِّلُ الكنيسةَ اليوم، لا نـزالُ مَدعُوِّينَ لنذهَبَ، لنُتَلمِذَ، لِنُعمِّدَ ولِنُعلِّم بكُلِّ ما علَّمَ بهِ يسوع.
|